اجتهاده في تلمس الحكمة، فيرى أن ذلك كان من أجل الدم في الأصابع، أو لأنه أكمل في الانكسار وإظهار التذلل والخشوع لله، أو من أجل حبس اليد عن الحركة، أو لغير ذلك من الحكم لا ينافي المشروعية المطلقة، والتي هي محل البحث، فالحكمة لا تخصص النص بخلاف العلة، وأما كراهة القبض؛ لأن ذلك من باب الاعتماد فيأخذ حكم الاستناد المنهي عنه في الصلاة، فهذا غير صحيح، فلوكان ذلك من باب الاعتماد لم يؤمر به عموم الناس كما في حديث سهل بن سعد في البخاري، وعمومه يشمل الفرض والنفل، ولو سلمنا جدلًا أن القبض في الصلاة من باب الاستناد، فإن الأمر به من الشارع يدل على أن هذا النوع من الاستناد ليس منهيًّا عنه، فلا يأخذ حكم الاستناد إلى الجدار، وهو استناد إلى شيء خارج عن بدن المصلي، فالمعول عليه في الحكم هو ورود النص، سواء أكان المعنى مؤيدًا أم لا، وسواء أفهمنا حكمة وضع اليدين أم لا، فنحن مخاطبون أن نصلي كما رأيناه النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، ومن لم يره بعينه فقد علم ذلك من سنته.
وقد قال أبو الوليد الباجي بأن وضع اليدين خشوعًا لله لم يمنعه الإمام مالك، وإنما منع في الفريضة وضع اليدين على سبيل الاعتماد (١).
•الراجح:
أن وضع اليمنى على اليسرى من السنة المستفيضة في الصلاة، وأن الحكم عام في الفرض والنفل، فما ثبت في الفرض ثبت في النفل إلا بدليل، والله أعلم.