للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو دعاء، وأكثر الرواة رووه بلفظ: (كيف تقرأ إذا قمت تصلي؟، قال: فقرأت بفاتحة الكتاب)، وليس فيه ذكر الافتتاح، وعلى التنزل فإن القراءة تطلق على الدعاء والثناء وقراءة القرآن، وحين كان الحديث عن تعلم أعظم سورة في القرآن، فلما سأله أبي بن كعب تعليمها، ثم سأله النبي عن القراءة في الصلاة، كان الحديث والسؤال مختصًّا بالقرآن، لا بغيره.

ولو سلمنا جدلًا أن الحديث فيه دلالة على ترك دعاء الاستفتاح ثم دلت أحاديث أخرى صحيحة مقطوع بصحتها على مشروعية دعاء الاستفتاح لم تهمل تلك الأحاديث، فيصار إلى كراهة دعاء الاستفتاح، وإنما يجمع بينها وبين هذا الحديث، فيكون الترك دليلًا على عدم الوجوب، لا على نفي الاستحباب، والله أعلم.

الدليل الرابع:

الاحتجاج بعمل أهل المدينة، قال ابن بطال: «لو كانت هذه الإسكاتة مما واظب عليها النبي عليه السلام، لم يَخْفَ ذلك، ولنقلها أهل المدينة عيانًا وعملًا، فيحتمل أن يكون عليه السلام، فعلها في وقت ثم تركها تخفيفًا عن أمته، فتركها واسع» (١).

فرجع الاحتجاج بهذه المسألة إلى عمل أهل المدينة، فإذا أجمعوا عليه فهو مقدم على غيره من أخبار الآحاد؛ لأنهم إذا أجمعوا على شيء نقلًا، أو عملًا متصلًا فإن ذلك الأمر معلوم بالنقل المتواتر الذي يحصل به العلم، وينقطع العذر فيه، ويجب له ترك أخبار الآحاد؛ لأن المدينة بلدة جمعت من الصحابة من يقع العلم بخبرهم فيما أجمعوا على نقله.

* ويناقش من وجوه:

الوجه الأول:

قال ابن الملقن: «الحديث ورد بلفظ: (كان إذا قام إلى الصلاة)، وبلفظ: (كان إذا قام يصلي تطوعًا). وبلفظ: (كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة قاله). ولفظ (كان) هنا يشعر بكثرة الفعل أو المداومة عليه» (٢).


(١). شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٦٢).
(٢). التوضيح شرح الجامع الصحيح (٧/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>