للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني:

لا نسلم أن عمل أهل المدينة ترك الاستفتاح، فإن عمر بن الخطاب قد جهر بالاستفتاح في الفرض في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما سبق تخريجه، وعمل به الصحابة رضوان الله عليهم، ثم ترك العمل به في زمن الإمام مالك، فكان يَصِل التكبير بالقراءة من غير دعاء، ولا تعوذ، فإن كان عمل أهل المدينة حجة كان عملهم في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين كان فيهم كبار الصحابة أولى من اتباع العمل حين انقرض عصر الصحابة (١).

الوجه الثالث:

بأن مذهب مالك الذي يبينه المحققون من أصحابه كأبي الوليد الباجي وغيره رحمهم الله أنه يرى الاحتجاج بعمل أهل المدينة فيما كان الأصل فيه النقل المستفيض، كنقلهم الصاع والمد وأنه عليه السلام كان يأخذ بذلك صدقاتهم وفطرتهم، وكالأذان والإقامة، وكالوقوف والأحباس، وكنقلهم موضع قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومكان مسجده ومكان منبره، ولا يكون حجة فيما كان الأصل فيه الاجتهاد كهذه المسألة (٢).

* دليل من قال: يجب دعاء الاستفتاح:

الدليل الأول:

(ح-١٢٩٥) ما رواه البخاري من حديث مالك بن الحويرث، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم: صلوا كما رأيتموني أصلي.

رواه البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث (٣).

* ويناقش:

سبق لنا مناقشة صلاحية حديث مالك بن الحويرث على الاستدلال به على


(١). انظر أعلام الموقعين (٢/ ٢٨٥).
(٢). انظر: إحكام الفصول للباجي (ص: ٤٨٠)، شرح تنقيح الفصول (ص: ٣٣٤)، تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول (٢/ ٢٥٠).
(٣). صحيح البخاري (٦٣١)، وصحيح مسلم (٢٩٢ - ٦٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>