للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيتحمل ذلك عنه الإمام، وفي السترة للصلاة، فلا يوجد نص يدل على تحمل الإمام عن المأموم دعاء الاستفتاح، والأصل أن إنصات المأموم إنما هو لاستماع القرآن، ولا قراءة في سكوت الإمام، ولا في الصلاة السرية.

وقيل: يستفتح في سكتات الإمام، وإذا لم يسمع قراءته، وهو مذهب الحنفية، ورواية عند أحمد، اختارها صاحب الإقناع خلافًا لما في المنتهى، وصححه ابن قدامة في المغني (١).

قال ابن قدامة: «هل يستفتح المأموم ويستعيذ؟ ينظر: إن كان في حقه قراءة مسنونة، وهو في الصلوات التي يسر فيها الإمام، أو التي فيها سكتات يمكن فيها القراءة، استفتح المأموم واستعاذ، وإن لم يسكت أصلًا، فلا يستفتحْ ولا يستعذْ، وإن سكت قدرًا يتسع للافتتاح فحسب، استفتح ولم يستعذ .... وذكر بعض أصحابنا: أنه فيه روايات أخرى، أنه يستفتح ويستعيذ في حال جهر الإمام؛ لأن سماعه لقراءة الإمام قام مقام قراءته، بخلاف الاستفتاح والاستعاذة. والصحيح ما ذكرناه» (٢).

* وجه القول بأنه لا يستفتح إلا في سكتات الإمام:

أن الإمام إذا جهر بالقرآن كان على المأموم الاستماع والإنصات لقراءته، قال تعالى: {وَإِذَا قُرِاءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون} [الأعراف: ٢٠٤].

قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: «قال الإمام أحمد في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِاءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون} [الأعراف: ٢٠٤]، قال: أجمع الناس أنها نزلت في الصلاة.

وقد قيل: في الخطبة، والصحيح أنها نزلت في ذلك كله» (٣).


(١). الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٥١)، البحر الرائق (١/ ٣٢٧)، النهر الفائق (١/ ٢٠٨).
وقال في الإقناع (١/ ١٦٢): «ويستحب أن يستفتح ويستعيذ فيما يجهر فيه الإمام إذا لم يسمعه». وانظر: النكت والفوائد على مشكل المحرر (١/ ٦٠)، المغني (١/ ٤٠٥)، المبدع (٢/ ٦١).
(٢). المغني (١/ ٤٠٥).
(٣). الفتاوى الكبرى (٥/ ٣٥٥)، المستدرك على مجموع الفتاوى (٣/ ١٢٨)، وقد خرجت الآثار في نزول الآية، انظر المجلد السابع (ص: ٢٢٩) عند الكلام على تحية المسجد، والإمام يخطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>