للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشروعًا في حقه أن يأتي بهما، ولو كان الإمام يجهر في القراءة.

وقيل: لا يستفتح المأموم مطلقًا، سواء أكان ذلك في جهر الإمام أم في حال سكوته، وهو رواية عند الحنابلة، اختارها ابن تيمية كما في الإنصاف، وبه قال ابن حزم، وهذان قولان متقابلان (١).

* وجه هذا القول:

أن الاستفتاح والتعوذ تابعان للقراءة، فإذا كره المتبوع كره التابع (٢).

كالثناء الذي يسبق الدعاء فإذا منع الدعاء منعت توابعه.

ويمكن أن يستدل له بأنه إذا كان الإمام يتحمل القراءة عن المأموم مطلقًا في السرية والجهرية كما هو المشهور من المذهب، فإنه لا يمنع أن يتحمل عنه من باب أولى دعاء الاستفتاح، وحتى لا يخلط على الإمام أو على من بجانبه بسبب همهمته.

* ويناقش:

بأن الاستفتاح أهو مشروع من أجل القراءة، أم هو مشروع من أجل افتتاح الصلاة؟ الظاهر الثاني؛ لأن قراءة كتاب الله لا يشرع لها إلا التعوذ في أولها، والبسملة إن كانت القراءة في أول السورة، وأما الاستفتاح فهو خاص بالصلاة، وإذا لم تكن من توابع القراءة لم يتحملها الإمام عن المأموم،، وتحمل الإمام عن المأموم على القول به ليس هو في كل شيء في الصلاة، وإنما هو في القراءة فيما يجهر به الإمام على الصحيح، وقيل: في قراءة ما زاد على الفاتحة، وفي التشهد الأول إذا تركه الإمام سهوًا، وفي سهو المأموم في صلاته إذا لم يفته شيء من الصلاة، وفي المسبوق إذا دخل مع الإمام وقد فاتته ركعة فإنه سيجلس مع الإمام في غير موضع جلوسه، ويدع الجلوس متابعة للإمام في موضع جلوسه،


(١). قال المرداوي في تصحيح الفروع (٢/ ١٩٤): والرواية الثانية: يكرهان مطلقًا -يعني الاستفتاح والتعوذ- صححه في التصحيح، واختاره الشيخ تقي الدين، وأطلقهما في الهداية والمستوعب، والخلاصة، والمقنع، وغيرهم .... ». وانظر: الإنصاف (٢/ ٢٣٢).
وانظر قول ابن حزم في المسألة السابقة، فقد ناقشته، ولله الحمد.
(٢). انظر: الممتع في شرح المقنع (١/ ٤٦١)، المبدع شرح المقنع (٢/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>