للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: أن الآية أمرت بالاستعاذة عند قراءة القرآن والأمر مطلق يشمل القراءة خارج الصلاة وداخلها، وإذا لم تجب القراءة نفسها خارج الصلاة وهي الغاية، لم تجب الاستعاذة وهي من التوابع، ولا يمكن التفريق بين الاستعاذة داخل الصلاة وبين خارجها في الحكم لإطلاق الآية، ولأن الحكمة من الاستعاذة دفع الوسوسة في القراءة، وذلك لا يوجب الاستعاذة.

وإذا لم يجب التعوذ من الشيطان عند دخول الخلاء، وعند إقبال الليل وانتشار الشياطين مع مظنة الضرر منهم، لم يجب التعوذ عند قراءة القرآن، وسائر الذكر لكون المسلم في هذه الحال أكمل منه في تلك الأحوال، وتعوذه طلب للكمال.

ولوكان التعوذ فرضًا للزم كُلَّ من قرأ القرآن ولو آية؛ لدخوله في مطلق الآية، وقد قرأ الرسول صلى الله عليه وسلم آيات من القرآن الحكيم، ولم ينقل أنه تعوذ،

فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [آل عمران:١٠٢]، ولم يتعوذ (١).


(١). جاء ذلك من حديث ابن مسعود، وهو صحيح، ومن حديث ابن عباس وفيه ضعف.
أما حديث ابن مسعود رضي الله عنه فرواه أحمد (١/ ٤٣٢) وأبو داود (٢١١٨)، والنسائي في الكبرى (١٠٢٥٤) عن وكيع،
ورواه الشاشي في مسنده (٧١٠) من طريق عبيد الله بن موسى، كلاهما (وكيع، وعبيد الله) عن إسرائيل.

ورواه أحمد (١/ ٣٩٣)، وأبو نعيم في الحلية (٧/ ١٧٨) عن عفان، قال: حدثنا شعبة، كلاهما (شعبة وإسرائيل بن يونس)، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، وأبي عبيدة عن ابن مسعود، قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة: الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:١٠٢] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا .... } [الأحزاب:٧٠،٧١].
وأخرجه أحمد (١/ ٣٩٢) والنسائي في المجتبى (١٤٠٤)، وفي الكبرى (١٧٢١، ٥٥٠٣) حدثنا محمد بن جعفر،
والدارمي (٢٢٤٨) قال: أخبرنا أبو الوليد وحجاج، =

<<  <  ج: ص:  >  >>