للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* دليل من قال: الاستعاذة سنة:

الدليل الأول:

قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم} [النحل: ٩٨].

وجه الاستدلال:

أن الله أمر بالاستعاذة عند قراءة القرآن، والمتيقن الندب، وإطلاقه يشمل داخل الصلاة وخارجها.

فإن قيل: ما الصارف للأمر من الوجوب إلى الندب؟ فالجواب: أمور منها:

أحدها: الإجماع على أن الأمر للندب، قال الطبري في تفسيره: «وليس قوله {فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم} بالأمر اللازم، وإنما هو إعلام وندب، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع، أن من قرأ القرآن، ولم يستعذ بالله من الشيطان الرجيم قبل قراءته، أو بعدها أنه لم يضيع فرضًا واجبًا» (١).

ولم يعتبر السرخسي خلاف عطاء خارقًا للإجماع.

قال في المبسوط: «قال عطاء: الاستعاذة تجب عند قراءة القرآن في الصلاة وغيرها، وهو مخالف لإجماع السلف، فقد كانوا مجمعين على أنه سنة» (٢).

* وأجيب:

بأن دعوى الإجماع غير صحيحة، قال ابن الهمام: «وعن الثوري وعطاء وجوبه .... ويبعد منهما أن يبتدعا قولًا خارقًا للإجماع بعد علمهما بأن ذلك لا يجوز» (٣).

وقد يجاب على إشكال ابن الهمام بأن الإجماع المحكي لعله من قبيل الإجماع السكوتي إن كان محفوظًا، وهو حجة على الصحيح، ويفيد الظن، وتجوز مخالفته لدليل راجح؛ لأن سكوت من سكت ليس قاطعًا بأن سكوته عن موافقة، ولا يعتبر سكوته بمنزلة الإقرار على صحة القول؛ لأن الإقرار الذي هو حجة هو إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما إقرار العالم فليس بحجة، والله أعلم.


(١). تفسير الطبري ط هجر (١٤/ ٣٥٧).
(٢). المبسوط للسرخسي (١/ ١٣).
(٣). فتح القدير لابن الهمام (١/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>