جماعة من الرواة، كما لم يتفرد به شعبة عن قتادة، ولو تفرد لم يقدح ذلك في صحة حديثه، كما أنه لم يتفرد به قتادة عن أنس، فقد توبع على ذلك، وكل ذلك سوف أبحثه إن شاء الله تعالى بشيء من التفصيل عند الكلام على حكم الجهر بالبسملة فانظره في المبحث التالي.
أما الأخذ من مسألة الإسرار بها على أن ذلك دليل على عدم قرآنيتها؛ لأن القرآن إذا قرئ في الصلاة جُهِر به، سواء أكان ذلك في قراءة الفاتحة، أم كان ذلك في قراءة ما يتيسر من السور الأخرى، فهذه مسألة فقهية قائمة على الفهم، وهي محل خلاف بين الجمهور وبين المالكية، والجهر والإسرار حكم توقيفي، فهناك من الصلوات ما لا يجهر فيها بالقرآن جملة لا في الفاتحة، ولا في غيرها، كالصلاة النهارية، وعكسها صلاة الليل، ولا مانع أن يكون هناك قسم ثالث يكون من القرآن ولا يجهر به مطلقًا كالبسملة في الصلاة؛ لأن الجهر والإسرار متلقى من الشارع بمعزل عن كونها قرآنًا أم لا، والجهر قد لا يختص بالقرآن، فهذا التأمين نجهر به، وهو ليس قرآنًا بالإجماع، وقد يلتمس الفقيه العلة من الإسرار بالبسملة، وهو اجتهاد قد يصيب وقد يخطئ، فلو قيل: إن البسملة لما كانت آية مستقلة، وليست سورة، والجهر إنما يختص بالسور، وإن كان الشأن في هذا كله هو الاتباع.
وقد يقال: إن ترك الجهر من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أبي بكر وعمر وعثمان بناء على إحدى القراءتين، فإن هناك قولًا فقهيًّا يرى البسملة آية في إحدى القراءتين، وليست آية في القراءة الأخرى، وترك الجهر جرى به العمل على إحدى القراءتين بكونها ليست آية، وكلتاهما قراءة متواترة، وهي لا تنفي القراءة الأخرى، وعليه فمن اختار أن يقرأ بقراءة ما نقل أنها آية فعليه أن يجهر بها كسائر القرآن، وقد بحثت مسألة قرآنية البسملة في مبحث مستقل، وذكرت أدلة القوم، فارجع إليه إن شئت.
الدليل الرابع:
(ح-١٣٥١) ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، قال: نا ابن علية، عن الجريري، عن قيس بن عباية قال: حدثني ابن عبد الله بن مغفل،
عن أبيه قال: ولم أَرَ رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أشد عليه حدثًا في