للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمع بين اللفظين الأوزاعي عن قتادة، فرواه مسلم من طريق الأوزاعي، قال: كتب إليه قتادة يخبره عن أنس، بلفظ: (فكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: ٢]، لا يذكرون {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} في أول قراءة ولا في آخرها).

فقوله: (ولا في آخرها) تفرد بذلك الأوزاعي، عن قتادة (١).

فكان صدر الحديث مرويًّا باللفظ، وآخره على المعنى.

وإذا كان حديث قتادة حديثًا واحدًا، منه ما أداه راويه على اللفظ ومنه ما أداه راويه على المعنى، ولا بد من قول ذلك؛ لأن في بعض الروايات من المعنى ما ليس في الأخرى، كان اللفظ مقدمًا على المعنى؛ فيكون الراجح في لفظه: (أنهم كانوا يفتتحون الصلاة بـ {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: ٢])، لموافقته حديث عائشة.

والمقصود: أنهم يفتتحون بهذه السورة، والتي منها {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم}، لا أنه نفي لقراءة البسملة، وتسمية الفاتحة بـ {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: ٢] ثابت في صحيح البخاري.

(ح-١٣٥٩) فقد روى البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى مرفوعًا: ... {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: ٢] هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته (٢).

هذا معنى جواب الشافعية على نفي قراءة البسملة (٣).

وقد أعلَّ الدارقطني والخطيب والبيهقي وبعض الشافعية لفظ (نفي القراءة) ورأوا أن المحفوظ عن قتادة من رواية عامة أصحابه عنه (كانوا يفتتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: ٢]) (٤).

قال الدارقطني في السنن: وهو المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس (٥).


(١). صحيح مسلم (٥٢ - ٣٩٩).
(٢). صحيح البخاري (٤٤٧٤).
(٣). انظر مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح (ص: ٢٦١).
(٤). انظر النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (٢/ ٧٦٦).
(٥). سنن الدارقطني (٢/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>