للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفي الجهر، ولا يلزم من قوله: كانوا يفتتحون بالحمد أنهم لم يقرؤوا البسملة سِرًّا (١).

الجواب الثاني:

أن ابن عبد البر والخطيب قد نقل عنهما تصحيحه أيضًا، وليس قولهما بالاضطراب بأولى من قولهما بالصحة.

فقد قال ابن عبد البر في كتاب الإنصاف بعد أن رواه من رواية أيوب، وشعبة، وهشام الدستوائي، وشيبان، وابن أبي عروبة، وأبي عوانة، عن قتادة، قال: «فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة ليس في روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} من أول فاتحة الكتاب» (٢).

وقال في التمهيد: «فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر، وعمر، وعثمان أنهم كانوا يفتتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: ٢]» (٣).

الجواب الثالث:

أن كلام ابن عبد البر والخطيب والبيهقي معارَضٌ بتصحيح البخاري ومسلم، وقولهما مقدم على قول غيرهما، وقد تأيد ذلك بقول جمع من علماء هذا الفن، كابن رجب وتقدم كلامه، وابن تيمية، وابن حجر والزيلعي (٤).

بل هذا الإمام ابن خزيمة بالرغم من أنه شافعي المذهب فقد ذهب إلى تصحيحه، وحمل نفي قراءة البسملة على الإسرار بها.

وقال ابن تيمية رحمه الله: نَقل شعبة عن قتادة ما سمعه من أنس في غاية الصحة، وأرفع درجات الصحيح عند أهله؛ إذ قتادة أحفظ أهل زمانه، أو من أحفظهم، وكذلك إتقان شعبة، وضبطه هو الغاية عندهم.

قال الحافظ ابن حجر: «ويؤيده -يعني حمل النفي على عدم الجهر- من رواه عنه بلفظ فلم يكونوا يجهرون بـ {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم}، كذا رواه سعيد بن أبي عروبة


(١). انظر: فتح الباري (٢/ ٢٢٨)، شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ٣١١).
(٢). الإنصاف (ص: ٢١٣).
(٣). التمهيد (٢٠/ ٢٠٢).
(٤). انظر كلام ابن حجر في فتح الباري (٢/ ٢٢٨)، ونصب الراية (١/ ٣٢٩، ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>