للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بعض، فيسقط الجميع، ونظير ما فعلوا في رد حديث أنس هذا ما نقله الخطابي في معالم السنن عن أحمد بن حنبل أنه رد حديث رافع بن خديج في المزارعة لاضطرابه وتلونه وقال: هو حديث كثير الألوان (١).

وأشار الدارقطني إلى اضطرابه في العلل (٢).

وكذا فعل الخطيب كما في كتاب ذكر الجهر بالبسملة مختصرًا (٣).

وحكم الحازمي في الاعتبار على رواية: نفي الجهر بالبسملة بالاضطراب، وقال: ولهذا امتنع البخاري من إخراجه، وهو من مفاريد مسلم (٤).

* وأجيب على هذا الرد:

الجواب الأول:

أن الاضطراب لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، والجمع غير متعذر:

ووجه الجمع بين رواية: أنهم كانوا يفتتحون الصلاة بـ {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}.

وبين روايتي: (فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم}.

ورواية: (فلم يكن أحد منهم يجهر بـ {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم}.

أن يقال: الرواية الأولى: دلت على نفي سماع قراءة البسملة بالمفهوم، فلا يلزم من قوله: (كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين) على نفي قراءتها سرًّا، بل على نفي الجهر بها.

وباقي الروايات: دلت على نفي سماع القراءة بالمنطوق، وكون المنطوق أقوى من المفهوم فهذا مُسَلَّم، فإذا اتفق المفهوم مع المنطوق فلا حاجة لدعوى التعارض، غايته: أن أحدهما أصرح دلالة من الآخر وأقوى.

فخلاصة طريقة الجمع: أن يحمل نفي القراءة على نفي السماع، ونفي السماع على


(١). انظر: التمهيد (٢/ ٢٣٠)، الاستذكار (١/ ٤٣٦)، الإنصاف لابن عبد البر (ص: ٢٢٦)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٣/ ٢٣٥)، المجموع (٣/ ٣٥٢).
(٢). العلل (١٢/ ٢٠٦).
(٣). انظر كتاب ذكر الجهر بالبسملة مختصرًا (ص: ٢٧)، وما بعدها.
(٤). الاعتبار في الناسخ والمنسوخ (ص: ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>