للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَالَمِين} [الفاتحة: ٢] ففهم بعض الرواة من ذلك نفي قراءتها، فرواه من عنده، فإن هذا القول لا يقوله إلا من هو أبعد الناس علمًا برواة الحديث وألفاظ روايتهم الصريحة التي لا تقبل التأويل، وبأنهم من العدالة والضبط في الغاية التي لا تحتمل المجازفة، أو أنه مكابر صاحب هوى يتبع هواه، ويدع موجب العلم والدليل .... (١).

الجواب الثالث:

كيف يحكم على رواية نفي الجهر بالشذوذ، وراويها عن قتادة مثل شعبة ... والراوي عن شعبة جماعة من أصحابه على رأسهم محمد بن جعفر، وهو المقدم في أصحاب شعبة، وتابع محمد بن جعفر على هذا جمع كثير منهم وكيع وعلي ابن الجعد، كما رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما من طريق سعيد بن أبي عروبة وشيبان، عن قتادة، ثم قال ابن حجر: ويشهد لحديث أنس رضي الله عنه المذكور حديث عبد الله بن المغفل رضي الله عنه، وذكر الحديث (٢).

الجواب الرابع:

أن قتادة قد كتب بالحديث إلى الأوزاعي باللفظين كما في صحيح مسلم: فكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: ٢]، لا يذكرون: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} في أول القراءة، ولا في آخرها.

فدل على أن قتادة كان يروي الحديث على الوجهين.

الرد الثاني: الحكم على حديث أنس بالاضطراب.

قال ابن عبد البر: لا يجوز الاحتجاج بحديث قتادة؛ لتلونه، واضطرابه، واختلاف ألفاظه مع تغاير معانيها، فلا حجة في شيء منها عندي؛ لأنه قال مرة: كانوا يفتتحون (بالحمد لله رب العالمين) ومرة، قال: كانوا لا يجهرون {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} ومرة: كانوا لا يقرؤونها، ومرة: لم أسمعهم يقرؤونها، ومرة قال، وقد سئل عن ذلك بعد، فقال: كبرت، ونسيت.

فحاصل هذه الطريقة إنما نحكم بتعارض الروايات ولا نجعل بعضها أولى


(١). مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٢٧).
(٢). انظر النكت (٢/ ٧٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>