للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبِّ الْعَالَمِين}؟ فقال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه، أو ما سألني أحد قبلك.

هذا لفظ غسان بن مضر.

وفي لفظ إسماعيل: إنك لتسألني عن شيء ما سألني عنه أحد.

[صحيح] (١).

قال أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي: «وهذا دليل على توقف أنس، وعدم جزمه بواحد من الأمرين، وروي عنه الجزم بكل واحد منهما فاضطربت أحاديثه، وكلها صحيحة، فتعارضت، فسقطت .... » (٢).

* وأجيب على هذا الرد من وجوه:

الوجه الأول:

لقد سئل أنس من قبل قتادة، وسئل من قبل أبي مسلمة، فإن كان المسؤول عنه واحدًا، فأجاب أنس قتادة بما حفظه من صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم، وصلاته مع خلفائه أبي بكر وعمر وعثمان، وتوقف عن إجابة أبي مسلمة، فالحجة في جواب أنس فيما تذكر، لا فيما توقف فيه، سواء أكان سؤال أبي مسلمة سابقًا لسؤال قتادة، فيكون تذكر بعد أن كان ناسيًا، أم كان متأخرًا عنه، بأن يكون نسي بعد أن كان ذاكرًا، فإذا تذكر أنس وجزم بالجواب كان تذكره هو الحجة، وليس من شرط قبول كلام الراوي ألا يتطرق إليه نسيان سابق أو لاحق.

قال الحافظ ابن حجر: «إن سؤال أبي مسلمة كان متقدمًا على سؤال قتادة بدليل قوله في روايته: لم يسألني عنه أحد قبلك، فكأنه كان إذ ذاك غير ذاكرٍ لذلك، فأجاب بأنه لا يحفظه، ثم سأله قتادة عنه، فلعله تذكره لما سأله قتادة، أو قاله لهما معًا، فحفظه قتادة دون أبي مسلمة، فإن قتادة أحفظ من أبي مسلمة بلا نزاع (٣).

وأَسْتَبْعِد أن يكون أنس قد نسي، ثم تذكر؛ لأن الأمر يتعلق بالصلاة، فهل


(١). رواه الدارقطني في السنن (١٢٠٨)، ومن طريقه البيهقي في المعرفة (٢/ ٣٨٢) من طريق العباس بن يزيد، حدثنا غسان بن مضر به، وقال: هذا إسناد صحيح.
(٢). المجموع (٣/ ٣٥٤).
(٣). فتح الباري لابن حجر (٢/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>