للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أنس، قال: نعم، نحن سألناه.

قال ابن حجر في النكت تعليقًا «فهذا اللفظ صريح في أن السؤال كان عن عدم سماع القراءة، لا عن سماع الاستفتاح بأي سورة» (١).

يقصد الحافظ: أن شعبة كان سؤاله لقتادة عن عدم سماع قراءة البسملة.

وأما سؤال أبي مسلمة فهو أصرح، حيث قال لأنس بن مالك: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم}، أو الحمد لله رب العالمين؟

الوجه الثاني:

قتادة حين سأل أنسًا رضي الله عنه، أكان يسأله عن الاستفتاح بأي سورة، أم كان يسأله عن الاستفتاح، أهو بالبسملة أم بالحمد لله رب العالمين؟

فلا يصح أبدًا أن يقال: إن قول أنس: إنهم كانوا يفتتحون بالحمد لله رب العالمين أي يفتتحون بهذه السورة جوابًا على سؤال قتادة، وهو مما لا يخفى على عامة المسلمين، فقتادة أكبر شأنًا من أن يسأل عن ابتداء مطلق القراءة، أكان بالفاتحة أم بغيرها؟ لأن علم مثل هذا ضروري، يدركه صبيان المسلمين، فينبغي أن يحمل جواب أنس: كانوا يفتتحون بالحمد لله رب العالمين على معنى نفي قراءة البسملة، وهو الذي يسأل عنه قتادة، وقد يخفى على العالم، ويقع فيه النزاع، بين كبار أهل العلم، لا على الافتتاح بالفاتحة.

الوجه الثالث:

على فرض أن يكون جواب أنس لقتادة مختلفًا عن جوابه لأبي مسلمة، فإنه لابد من الترجيح بينهما والترجيح سيكون لصالح رواية قتادة؛ لأن قتادة أحفظ من أبي مسلمة ولا مقارنة إن كان النسيان من قبل أبي مسلمة، وكذا إن كان النسيان من قبل أنس، فيقال: حفظ قتادة جواب أنس وقت تذكره، ولم ينقله أبو مسلمة، فمن حفظه حجة على من سأله في وقت نسيانه، ذكر ذلك ابن عبد البر في الإنصاف (٢).


(١). النكت على ابن الصلاح (٢/ ٧٦٠).
(٢). انظر الإنصاف لابن عبد البر (ص: ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>