للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البسملة في القسمة، والله أعلم.

الجواب الرابع:

أن أبا هريرة كان يقصد بهذا الحديث الرد على من ترك التكبير في الصلاة في رفعه وخفضه، كما هو ظاهر من لفظ الصحيحين، وهو ما عناه بقوله: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم (١).

فإن كانت التسمية محفوظة في حديث أبي هريرة، ولا إخالها، فالمراد منه مشروعية التسمية، لا مشروعية الجهر بها، ويكون التشبيه بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عنى به أبو هريرة مطلق التشبيه، لا مقتضاه من كل وجه، كما جهر أبو هريرة بالاستعاذة ونقلتُ عنه الرواية بهذا في مبحث الاستعاذة، ولم يقصد أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالاستعاذة، بل قصد أبو هريرة إلى التنبيه إلى مشروعية الاستعاذة، لا مشروعية الجهر بها.


(١). رواه البخاري (٨٠٣) من طريق الزهري، قال: أخبرني أبو بكر بن الحارث بن هشام، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن أن أبا هريرة كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها في رمضان وغيره، فيكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: ربنا ولك الحمد قبل أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر حين يهوي ساجدًا، ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنتين، ويفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة"، ثم يقول حين ينصرف: والذي نفسي بيده، إني لأقربكم شبهًا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا.
ورواه مسلم (٢٨ - ٣٩٢) من طريق ابن جريج،
ورواه أيضًا (٢٩ - ٣٩٢) من طريق عقيل، كلاهما (ابن جريج وعقيل) عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وحده.
ورواه كذلك (٣٠ - ٣٩٢) من طريق يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، كلاهما عن أبي هريرة.
ورواه مسلم (٢٧ - ٣٩٢) من طريق مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة به، بلفظ: كان يصلي لهم، فيكبر كلما خفض ورفع، فلما انصرف، قال: والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه مسلم (٣١ - ٣٩٢) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة به، بنحو لفظ مالك.
فهذا هو المحفوظ من حديث أبي هريرة، فإن كانت التسمية محفوظة فقد عنى بها مشروعية قراءة البسملة، لا مشروعية الجهر بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>