للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي لا صلاة صحيحة، ولا يصح حمله على التمام، أي: لا صلاة كاملة؛ لأن نفي الإجزاء هو السابق إلى الفهم، ولأنه يستلزم نفي الكمال من غير عكس.

ولأن النفي لم يتوجه للصلاة، وإنما توجه على حصول الصلاة للرجل، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ ... ) وهو عبارة عن نفي الانتفاع بها، ونفي خروجه من العهدة، وذلك يعني عدم صحتها.

وقوله: (لا صلاة) نكرة في سياق النفي، فتعم الفريضة والنافلة.

الطريق الثاني:

أن المراد من نفي الصلاة نفي الصلاة بمعناها الشرعي، لا اللغوي؛ لأن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه؛ لأنه المحتاج إليه فيه، لكونه بعث لبيان الشرعيات لا لبيان موضوعات اللغة، وإذا كان المنفي الصلاة الشرعية استقام دعوى نفي الذات؛ فعلى هذا لا يحتاج إلى إضمار الإجزاء، ولا الكمال، لأنه يؤدي إلى الإجمال، ولأن نفي الإجزاء هو السابق إلى الفهم، ولأن المركب كما أنه ينتفي بانتفاء جميع أجزائه فكذلك بانتفاء بعضها، ولأنه روي بلفظ: لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب (١).

الطريق الثالث:

لا يمتنع أن يكون النفي في قوله: لا صلاة نفي بمعنى النهي: أي لا تصلوا إلا بقراءة فاتحة الكتاب، ونظيره ما رواه مسلم من طريق القاسم عن عائشة مرفوعًا: لا صلاة بحضرة الطعام، فإنه في صحيح ابن حبان: لا يصلي أحدكم بحضرة الطعام (٢).

الدليل الثاني:

(ح-١٣٦٩) ما رواه الإمام مسلم من طريق سفيان بن عيينة، عن العلاء، عن أبيه،

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثًا غير تمام. فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ


(١). انظر فتح الباري (٢/ ٢٤١).
(٢). انظر المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>