للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العام المخصوص» (١).

فعموم (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) خُصَّ منه الرجل يدرك الإمام بالركوع، فإنه يعد إدراكًا للركعة، وإن فاتته قراءة الفاتحة.

وأما الأمر للمأموم بالإنصات لقراءة إمامه لم يُخَصَّ منه شيء، لا بنص خاص، ولا إجماع، لهذا كان عموم الآية في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِاءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} مقدمًا على عموم حديث عبادة: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، كما قدمنا عموم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) على عموم: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس) للسبب نفسه، فارجع إليه.

قال ابن تيمية: «فهذا عموم قد خُصَّ منه المسبوق بحديث أبى بكرة وغيره، وخُصَّ منه الصلاة بإمامين؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى بالناس، وقد سبقه أبو بكر ببعض الصلاة، قرأ من حيث انتهى أبو بكر، ولم يستأنف قراءة الفاتحة؛ لأنه بنى على صلاة أبي بكر، فإذا سقطت عنه الفاتحة في هذا الموضع فعن المأموم أولى، وخُصَّ منه حال العذر، وحال استماع الإمام حال عذر، فهو مخصوص، وأَمْرُ المأموم بالإنصات لقراءة الإمام لم يُخَصَّ معه شيء، لا بنص خاص، ولا إجماع، وإذا تعارض عمومان: أحدهما محفوظ، والآخر مخصوص، وجب تقديم المحفوظ.

وأيضًا: فإن الأمر بالإنصات داخل في معنى اتباع المأموم، وهو دليل على أن المنصت يحصل له بإنصاته واستماعه ما هو أولى به من قراءته» (٢).

الدليل الثالث:

(ح-١٣٨٤) ما رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة، عن العلاء، عن أبيه،

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثًا غير تمام. فقيل لأبي هريرة: إنَّا نكون وراء الإمام، فقال: اقرأ بها في نفسك .... الحديث


(١). شرح مختصر الروضة (٣/ ٧١٥).
(٢). المجموع (٢٣/ ٢٩٠، ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>