للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عام في القرآن فيشمل الفاتحة وغيرها، خاص في الصلاة، وقد نقل الإمام أحمد الإجماع على أنها نزلت في الصلاة (١).

وكذلك قال ابن عبد البر وأبو بكر الطرطوشي المالكي، وابن تيمية الحنبلي (٢).

فكان كل واحد من الدليلين عامًّا من وجه، وخاصًّا من وجه آخر، وتقديم الخاص على العام لا خلاف فيه، ولكن أي الخاصين يقدم، ويخصص به عموم الآخر؟ فتخصيص أحدهما بالآخر ليس بأولى من العكس، فيطلب مرجح لأحدهما من خارجهما؛ لأن القاعدة المقررة في الأصول: أن الدليلين إذا كان بينهما عموم، وخصوص من وجه، فإن الموقف منهما كالموقف عند تعارض الأدلة في الظاهر، فيجب طلب مرجح من خارجهما، كما أشار له صاحب مراقي السعود بقوله:

وإن يك العموم من وجه ظهر ... فالحكم بالترجيح حتمًا معتبر

ومن وجوه الترجيحات أن العام المحفوظ عن التخصيص مقدم على العام إذا دخله التخصيص؛ لأن المحفوظ دلالته على العموم أقوى، من العام المخصوص.

قال محمد الأمين الشنقيطي: «وهذا رأي جمهور أهل الأصول، ولم أعلم أحدًا خالف فيه إلا صفي الدين الهندي، والسبكي» (٣).

قال البيضاوي في نهاية السول: «العام الباقي على عمومه راجح على العام المخصص؛ للاختلاف في حجيته» (٤).

وقال الطوفي في شرح مختصر الروضة: «يرجح العام الباقي على عمومه على


(١). فتح الباري لابن رجب (٨/ ٢٦٩) و (٨/ ٢٨٠).
(٢). المغني لابن قدامة (١/ ٤٠٤)، مجمع الأنهر (١/ ١٠٦)، الاستذكار (١/ ٤٦٥)، التمهيد (١١/ ٢٩)، شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ٣٢٦)، الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي المالكي (ص: ١٦٣)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٢/ ١٣٤)، مجموع الفتاوى (١٨/ ٢٠)، شرح العمدة لابن تيمية، صفة الصلاة (ص: ١٧٠)، فتح الباري لابن رجب (٨/ ٢٦٩) و (٨/ ٢٨٠)، مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور (٢/ ١٤١).
(٣). مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر (ص: ٣٨٤).
(٤). نهاية السول في شرح منهاج الأصول (ص: ٣٨٥)، وانظر التحبير شرح التحرير (٨/ ١٤٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>