وقد رواه عبد الرزاق في المصنف (٢٧٧٠) عن بشر بن رافع، عن درع بن عبد الله، عن أبي أمية الأزدي، عن عبادة موقوفًا عليه، وفي الإسناد شيخ عبد الرزاق بشر بن رافع ضعيف، ودرع بن عبد الله فيه جهالة. ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٢٤٠)، وفي القراءة خلف الإمام (٢٠٣، ٢٠٤)، ٢٠٥) من طريق شعبة، عن مسلم بن عبد الله أبي النضر، عن حملة بن عبد الرحمن، عن عبادة بن الصامت موقوفًا عليه. وحملة بن عبد الرحمن ذكره البخاري في التاريخ الكبير (٤٤٣)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (١٤١٤)، وسكتا عنه، وذكره مسلم في الكنى والأسماء (٣٣٩٧). وكذا مسلم بن عبد الله أبو النضر ذكره ابن أبي حاتم وسكت عنه (٨٢٠). وقال عبد الله بن أحمد كما في العلل (١٨٩٥): سألته (يعني أباه) عن حديث، عن أبي النضر، قال: سمعت حملة بن عبد الرحمن. قال أبي: وليس هذا أبو النضر الذي يحدث عنه مالك وابن عيينة، هذا رجل شامي من عك. وقال أيضًا (٣٣٧٧): مسلم أبو النضر شامي، روى عنه شعبة. فربما كان قول عبادة أخذه فهمًا من عموم ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، كما فهم أبو هريرة حين روى حديث: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج. هذا هو القدر المرفوع، قيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام قال: اقرأ بها في نفسك. وإذا رجعت مسألة قراءة المأموم للفاتحة إلى الفقه، فالفقه ليس بمعصوم، والصحابة مختلفون في هذه المسألة. ولم يُحْفَظ الأمر مرفوعًا بقراءة المأموم للفاتحة، وحين روى هذا الحديث نافع بن محمود ابن الربيع -وهو رجل لا يعرف بالرواية إلا في هذا الحديث، وفي عدالته جهالة كما سيأتي بيان ذلك في ترجمته- خلط المرفوع من حديث عبادة (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) بالموقوف على عبادة بقراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية، فبدت الرواية وكأن النهي عن القراءة وراء الإمام إلا بفاتحة الكتاب مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والحق أن المرفوع منها هو: ما حفظه لنا الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). وأن الأمر للمأموم بقراءة الفاتحة، ولو جهر الإمام هو من قول عبادة موقوفًا عليه. وقد أعلَّ الإمام أحمد رواية الرفع برواية رجاء بن حيوة الموقوفة، وسيأتي نقل كلام الإمام أحمد في موضعه من البحث إن شاء الله تعالى. =