للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا دليل على أن أبا هريرة لا يرى قراءة الفاتحة فيما يجهر به الإمام، والله أعلم.

وقد يقال: إن بين الأثرين عمومًا وخصوصًا من وجه، فقوله: (اقرأ بها في نفسك) خاص بالفاتحة، عام في الصلاة، والأمر بالقراءة فيما لا يجهر به الأمام، عام بالقراءة، خاص في السرية، فلا يخص عموم أحدهما بالآخر إلا بدليل مرجح، وقد يقال: إن هذا الجمع إنما يتوجه في التعامل مع نصوص الشارع، بخلاف الآثار الموقوفة.

الدليل الرابع:

(ح-١٣٨٥) ما رواه أحمد من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، حدثني مكحول، عن محمود بن ربيع الأنصاري،

عن عبادة بن الصامت قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فثقلت عليه فيها القراءة فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته أقبل علينا بوجهه فقال: إني لأراكم تقرؤون خلف إمامكم إذا جهر. قال: قلنا: أجل، والله إذن يا رسول الله، إنه لهذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا إلا بأم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (١).

[ضعيف] (٢).


(١). المسند (٥/ ٣٢٢).
(٢). هذا حديث مكحول، وقبل الكلام في بيان الاختلاف على مكحول، نبيِّن أن حديث عبادة قد رواه عنه محمود بن الربيع، وابنه نافع بن محمود بن الربيع.
أما رواية محمود بن الربيع عن عبادة، فله طريقان عن عبادة:
أحدهما: حديث مرفوع، رواه عنه الإمام الزهري كما في الصحيحين بلفظ: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). وهذا مقطوع بصحته، وقد سبق تخريجه، وليس فيه: لا تفعلوا إلا بأم القرآن.
الطريق الثاني: حادثة موقوفة وقعت لعبادة كشفت لنا عن فقهه لما رواه مرفوعًا، وأنه يرى أن على المأموم قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية.
رواه ابن عون، عن رجاء بن حيوة، عن محمود بن الربيع، قال: صليت صلاةً، وإلى جنبي عبادة بن الصامت، قال: فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: فقلت له: يا أبا الوليد! ألم أسمعك تقرأ بفاتحة الكتاب؟ قال: أجل؛ إنه لا صلاة إلا بها.

أخرجه عبد الرزاق (٢٧٧١)، وابن أبي شيبة (٣٧٧٠)، والطحاوي في أحكام القرآن (٥٠٩)، وابن المنذر في الأوسط (٣/ ١١٠)، والبيهقي في السنن (٢/ ١٦٨). وفي القراءة (١٣٣، ٢٠١، ٢٠٢). وقد سقط من إسناد عبد الرزاق محمود بن الربيع. =

<<  <  ج: ص:  >  >>