والحديث مداره على الأشعث بن سليم، سمعت أبي يحدث عن مسروق، عن عائشة مرفوعًا. وقد رواه جماعة عن الأشعث بن سليم على اختلاف في ألفاظهم، من تقديم وتأخير، وزيادة ونقص. فأحدها: لفظ البخاري الذي قدمناه في الباب: (كان النبي يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره في شأنه كله). اللفظ الثاني: ما رواه أحمد (٦/ ٩٤) من طريق بهز. والبخاري (٤٢٦) من طريق سليمان بن حرب، كلاهما عن شعبة به، بلفظ: (كان يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله، في طهوره، وترجله، وتنعله). وهو عند مسلم (٦٧ - ٢٦٨) دون قوله: (ما استطاع) مع تقديم وتأخير. اللفظ الثالث: بزيادة: الواو في قوله: (وفي شأنه كله)، بلفظ: (كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله). قال الحافظ في الفتح (١٦٨): «للأثر من الرواة بغير واو، وفي رواية أبي الوقت بإثبات الواو، وهي التي اعتمدها صاحب العمدة». اهـ وهل بين هذه الألفاظ من اختلاف؟
فالجواب: أما على إثبات الواو، فإن الحديث ظاهره، أن التيامن سنة في جميع الأشياء، لا يختص بشيء دون شيء، ولفظ: (كل) صريح في العموم، خاصة وأنه جاء توكيدًا بكلمة: (شأنه) المفردة المضافة الدالة على العموم بذاته، فكيف بعد توكيده بكلمة: (كل) إلا أن هذا العموم قد خص منه ما جاء في حديث عائشة أيضًا: (كانت يد رسول صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره ولحاجته، وكانت اليسرى لخلائه، وما كان من أذى) فهذا نص أن الأذى والخلاء له اليسرى. وأما على الرواية دون واو فليس فيها هذا العموم، قال صاحب الفتح (١٦٨): وأما على إسقاطها فقوله: (في شأنه كله) متعلق بـ يعجبه، لا بالتيمن. أي يعجبه في شأنه كله التيمن في تنعله. إلخ أي لا يترك ذلك سفرًا ولا حضرًا ولا في فراغه، ولا شغله، ونحو ذلك». وجاء في بعض ألفاظ الحديث من دون قوله: (في شأنه كله) فقد رواه أحمد (٦/ ١٤٧) عن محمد ابن جعفر، ورواه أيضًا (٦/ ٢٠٢) عن يحيى بن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (٥٩٢٦) عن أبي الوليد، ومن طريق عبد الله بن المبارك (٥٣٨٠) كلهم عن شعبة به دون قوله (في شأنه كله). ورواه مسلم (٢٦٨) والترمذي (٦٠٨) من طريق أبي الأحوص عن أشعث به. دون ذكرها، والراجح والله أعلم أنها محفوظة، لأن محمد بن جعفر، وعبدان قد صرحا في آخر الحديث عن شعبة بأن أشعث كان قد قال بواسط: (في شأنه كله) فبين شعبة أن كلمة (في شأنه كله) ثبتت في ... السماع القديم، والسماع القديم مقدم على غيره.