للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتلف ويرجع به على المكره؛ لأنه معذور في ذلك الفعل؛ فلم يلزمه الضمان، بخلاف المكره على القتل؛ فإنه غير معذور؛ [فلهذا شاركه] (١) في الضمان، وبهذا جزم القاضي في كتاب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (٢) وابن عقيل في "عمد الأدلة".

والثاني: عليهما الضمان؛ كالدية، صرح (٣) به [في] (٤) "التلخيص"، وذكره القاضي في "بعض تعاليقه" احتمالًا، وعلل باشتراكهما في الإثم، وهذا تصريح بأن الإكراه لا يبيح إتلاف مال الغير، وكان فرض الكلام في الوديعة، وحكى احتمالًا آخر: إن الضمان على المتلف وحده، كما لو اضطر إلى طعام الغير فأكله، وهذا ضعيف جدًّا؛ لأن المضطر لم يلجئه إلى الإتلاف من يُحال الضمان عليه (٥)؛ ولو أُكْره


(١) في (ج): "لهذا يشاركه".
(٢) ذكره له ابنه في "طبقات الحنابلة" (٢/ ٢٠٥)، والعليمي في "المنهج الأحمد" (٢/ ١١٢)، ومنه نسخة خطية في المكتبة الظاهرية ضمن مجموع (رقم ٤٢)، ويقع في ثلاثين ورقة من القطع الصغير، ويبدأ بـ (ق ٩٦) وينتهي بـ (ق ١٢٥)، وسقط من أوله كراس واحد، وقد نسخته من سنواتٍ، واللَّه الموفق.
(٣) في (ج): "وصرح".
(٤) بدل ما بين المعقوفتين في (ج): "صاحب".
(٥) إذا أكره على إتلاف مال الغير؛ فعلى من الضمان؟
في المسألة ثلاثة أقوال: قيل: الضمان على المكره، ويرحع بالضمان على من أكرهه، أما بالقتل؛ فالضمان عيهما جميعًا، أي: على المكرِه والمكرَه، والفرق بينهما أن حرمة الشخص أعظم من حرمة المال، بل ولا يجوز إتلاف نفس الغير لإبقاء نفسه، والصواب أن الإكراه على نوعين؛ فتارة يكون المكرَه كالآلة في يد المكره، كأن يضرب به شخصًا آخر؛ فالضمان على المكرِه لأن المكرَه صار كالآلة، وأما مع الاختيار؛ فإن الأقرب أن يكون =