وأصلها قصة عبد اللَّه بن سهل، خرج هو وعبد الرحمن بن سهل وحُويّصة ومُحَيِّصة إلى خيبر؛ فوجد عبد اللَّه بن سهل مقتولًا في خيبر، وعداوة اليهود للمسلمين معروفة، فقضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها بالقسامة. وكيفيتها: إذا ادعى أولياء المقتول أن فلانًا هو الذي قتل صاحبهم؛ فإننا نقول: هاتوا بيّنة، فإنْ لم يجدوا بيِّنة؛ فإننا نجرى عليهم القمامة، فنقول: تحلفون خمسين يمينًا على أنَّ الذي قتل صاحبكم هذا الرجل تُوزَّع على الورثة، ويجبر الكسر، فإذا كانوا ثلاثة؛ فعلى كل واحد سنة عشر يمينًا وشيء يجبر الكسر؛ فتصبح سبعة عشر، فإذا حصلت قُتل المدَّعى عليه، فإن أبى أولياء المقتول أن يحلفوا؛ قلنا للمدَّعى عليهم: احلفوا خمسين يمينًا، فإن حلفوا برئوا، وإنْ لم يرضَ أولياء المقتول بأيمان المدَّعى عليهم؛ فإن الإمام يديه من بيت المال. والقسامة فيها مخالفة للأصول في ثلاثة وجوه: الوجه الأول: إنَّ الأيمان في حق المدَّعين، والأصل أنَّ الأيمان في حق المدَّعى عليهم. الوجه الثاني: إنَّ الأيمان كررت فيها، والأصل عين واحدة. الوجه الثالث: إن أولياء المقتول سيحلفون على شيء لم يروه؛ فإنهم لو رأوه فواضح، لكن في الغالب لا يرون. والجواب على ذلك أن نقول: إنها في الحقيقة لم تخالف الأصول، بل هي جارية على الأصول، أمّا كون الأيمان فيها في جانب المدعي؛ فلأنَّ الأيمان ليست في جانب المدَّعى عليه دائمًا، بل الأيمان في جانب أقوى المتداعيين، ولهذا قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالشاهد واليمين فيما لو ادعى شخص على آخر بشيء ولا بيّنة عنده إلا شاهد واحد؛ فنقول له: احلف مع هذا الشاهد؛ فاليمين هنا في جانب المدعي؛ لأن جانبه قوي بالشاهد، فاليمين في حقه هنا في القسامة، وإنما كانت الأيمان في جاب المدعين؛ لأن جانبهم أقوى بسبب العداوة الظاهرة التي ترجح أن هذا قد قتل على أيدي هؤلاء، وأما كونها تكرر؛ فنقول أيضًا: =