وأفاض في ذكر أدلة الفريقين، ثم ختم الكلام على المسألة بقوله: "والحق أن كلا الطائفتين على صواب من القول، لكن كل فرقة لحظت غير ملحظ الفرقة الأخرى؛ فكأنهما لم يتواردا على محل واحد، بل الفرقة الأولى نظرت إلى نهاية سير المجاهد لنفسه وإرادته وما ترتب له عليها من الأحوال والمقامات؛ فأوجب لها شهود نهايته رجحانه، فحكمت بترجيحه واستحلت بتفضيله، والفرقة الثانية نظرت إلى بدايته في شأنه ذلك ونهاية النفس المطمئنة؛ فأوجب لها شهود الأمرين الحكم بترجيح القلب الخالي من تلك الدواعي ومجاهدتها، وكل واحدة من الطائفتين قد أدلت بحجج لا تمانع، وأتت ببينات لا ترد ولا تدافع، وفصل الخطاب في هذه المسألة يظهر بمسألة يرتضع معها من لبانها ويخرج من مشكاتها، وهي أن العبد إذا كان له حال أو مقام مع اللَّه، ثم نزل عنه إلى ذنب ارتكبه ثم تاب من ذنبه؛ هل يعود إلى مثل ما كان أو لا يعود؟ بل إن رجع رجع إلى أنزل من مقامه وأنقص من رتبته، أو يعود خيرًا مما كان؟ ". (١) هكذا في نسخ (أ) و (ب) و (ج)، وهو الصواب، وفي المطبوع بدل ما بين المعقوفتين: "رجل"!! (٢) رجل أعجمي يجاهد نفسه في قراءة القرآن، لا يقرأ إلا القليل مع تعبٍ شديدٍ، وآخر لسانه طليق وحر، يقرأ القرآن، ويتلذذ به، فهل المجاهد نفسه ليس له أجر؟ الجواب: إن لكل واحد نصيب؛ فالأول له أجران: أجر المشقة والتعب، وأجر القراءة، والثاني أكمل منه في أجر القراءة؛ لأنه وصل إلى حال صارت الطاعة عنده هي قرة =