للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تصرف المشتري في مدة الخيار له وللبائع؛ فالمنصوص عن أحمد: أنه موقوف على إمضاء البيع، وكذلك ذكره أبو بكر في "التنبيه"، وهو ظاهر كلام القاضي في "خلافه"؛ لأنه تصرف في خالص ملكه، ولم يتعلق به سوى حق البائع في الفسخ، وقد زال، فأشبه تصرف الابن فيما وهبه له الأب؛ غير أن تصرف الابن لا يقف على إمضاء الأب؛ لأن حق الأب في الفسخ يسقط بانتقال الملك، ولأن تسلط الأب على الرجوع لم يكن لبقاء أثر ملكه، بل هو حق ثابت بالشرع مع ثبوت ملك الولد واستقراره؛ فلا يمنع التصرف (١).

وطَرْدُ هذا في كل من تَصَرَّفَ في [ماله] (٢) وقد تعلق به حق غيره لا


= على الثلث؛ فلا يتصرف لأنه ربما يضرهم، وعقب ابن رجب على كلام شيخ الإسلام بقول: هذا الموهوب له ملك الهبة بالقبض، وكون المال ينتقل إلى الورثة أمر مظنون؛ لأن هذا المريض قد يُشفى وقد يموت الورثة قبله؛ فتعلق حق الورثة بهذا المال ليس أمرًا متيقنًا، ولكن الظاهر ما ذهب إليه شيخ الإِسلام؛ لأن العمل على الظاهر، واحتمال موت الواهب قبل الورثة هو الظاهر، وإذا كان ذلك؛ فكيف يُمكن هذا الموهوب بالتصرف في المال والخروج من هذا المأزق أن يجمع المريض الورثة ويستجيزهم في إمضاء الهبة؟! (ع).
(١) تصرف المشتري في المبيع إذا كان الخيار له وللبائع لا يجوز؛ لأنه إسقاط لحق البائع، ولكن الإمام أحمد قال؛ إنه موقوف على إمضاء البيع، أي إمضاء البائع للبيع، فإذا أمضاه؛ تبين صحة التصرف، وإذا لم يمضه؛ لم يصح التصرف، وهذا الذي قاله الإمام أحمد جيد بلا شك؛ لأن الحق للبائع، فإذا أمضى البيع وقال: أنا لا خيار لي، أما إذا كان الخيار للمشتري وحده؛ فتصرفه جائز، ولا بأس به، وتصرفه إسقاط لخياره، ومن هذا تصرف الابن فيما وهبه له أبوه؛ فإن تصرفه نافذ، وإذا تصرف في الهبة سقط حق الأب في الرجوع (ع).
(٢) كذا في (ب) و (ج)، وفي المطبوع و (أ): "ملكه".