للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا، فالإقلاع إنما يشترط مع القدرة عليه دون العجز، كما لو تاب الغاصب وهو محبوس في الدار المغصوبة، أو توسط جمعًا من الجرحى متعمدًا، ثم تاب وقد علم أنه إن أقام قتل من هو عليه -وإن انتقل-؛ [قُتِلَ] (١) غيره، لكن هذا من محل النزاع أيضًا.

والوجه الثاني: وهو قول أبي الخطاب: أن حركات الغاصب ونحوه في [خُرُوجِه] (٢) ليست طاعة ولا مأمورًا بها، بل هي معصية، ولكنه يفعلها لدفع أكبر المعصيتَيْن بأقلهما، وأبو الخطاب وإن قال ليست طاعة؛ فهو (٣) يقول: لا إثم فيها، بل يقول بوجوبها، وهو معنى الطاعة.

وخرَّج بعضُ الأصحاب الخلاف في هذه المسألة على الخلاف في جواز الإقدام (٤) على الوطء في مسائل النوع الثالث، فإن قيل بجوازه؛ لزم أن يكون الترك امتثالًا من كل وجه؛ فلا يكون معصية، وإن قيل بتحريمه؛ لزم تحريم الترك ها هنا، وقد يفرق [بأن التحريم] (٥) ثَمَّ طار وهنا مستصحب من الابتداء؛ فلا يلزم من الجواز ثَمَّ الجواز هنا، ويلزم من التحريم هناك التحريم ها هنا بطريق الأولى (٦).


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٢) في المطبوع: "جروحه"، والصواب ما أثبتناه.
(٣) كذا في (أ) و (ج)، وفي المطبوع و (ب): "هو".
(٤) في المطبوع: "على جواز الخلاف في الإقدام".
(٥) كذا في (أ) و (ب) و (ج)، ولعله الصواب، وفي المطبوع: "بالتحريم".
(٦) الصواب ما قاله ابن عقيل: أن حركاته هذه طاعة لأنه لا يمكن التخلص من هذا المحرم إلا بهذه الحركات، فهذا رجل سرق متاعًا وهو عنده الآن، ثم تاب من ذلك وأراد أن يرجعه إلى صاحبه؛ فهل نقول: إن حمله إلى صاحبه هو فيه آثم؟ =