للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع أنه لا يعتقد بطلان ما حكم به، فإذا اعتقد بطلانه؛ فهو بالرد أولى.

وللأصحاب وجهان فيما ينقض [فيه] (١) حكم الجاهل والفاسق:

أحدهما: تنقض جميع أحكامه لفقد أهليته، وهو قول أبي الخطاب وغيره.

الثاني: تنقض كلها؛ إلا ما وافق الحق المنصوص والمجمع عليه، وينقض ما وافق الاجتهاد؛ لأنه ليس من أهله، وهو اختيار صاحب "المغني" (٢)، ويشبه هذا القول في الوصي الفاسق إذا قسم الوصية، فإن أعطى الحقوق لمستحقٍّ معين يصح قَبْضُه؛ لم يضمنه لأنه يجب إيصالُه إليه، وقد حصل وإن كان لغير معين؛ فوجهان (٣):

- ومنها: الحكم بإسلام من اتُّهم بالردة إذا أنكر وأقر بالشهادتين؛ فإنه حكم صحيح، وإن حصل التردد في مستنده؛ هل هو الإسلام المستمر


(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ج): "به".
(٢) انظر: "المغني" (١٠/ ١٠٤ - ١٠٥).
(٣) إذا حكم الحاكم في مسألة مختلف فيها بما يرى أن الحق في غيره؛ فهو آثم لا شك في ذلك، وعاص لأنه حكم بهذه المسألة هو يعتقد أنها خلاف الحق، مثل لو حكم أن الغاصب لا يضمن بالسعر، ومثل هذا؛ هل يُنقض حكمه؟
في هذا خلاف، والمذهب أنه يُنقض حكمه لأنه خالف ما يعتقده وهو بنفسه يقر بأن الحكم باطل.
والقول الثاني: إنه لا يُنقض؛ لأنه حكم حكمًا موافقًا لاجتهاد بعض العلماه؛ لأنا لا ندري الصواب فيما يعتقد أو فيما حكم به، ولكن الصحيح أنه ينقض، وأن الحكم إذا حكم بما يخالف نصًّا أو إجماعًا قطعيًّا أو ما يعتقده؛ فإنه ينقض ولا بد، ولو لم تقل بذلك؛ لصار تلاعب بالأحكام، أي: لصار الحكم بالهوى لا بما يرى أن الحق فيه والهدى. (ع).