للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يفرق بين ما قبل القبول وبعده؛ فإن ظاهر كلامه أن الوصية تملك بالموت من غير قبول، فإنه ذكر أن من وصَّى (١) لمن لا يعرف؛ حملت وصيته إلى الحاكم ليفرقها في أبواب البر، ونص أحمد على ذلك أيضًا، ولكن ما ذكره من أن الوارث إذا بنى وهو عالم بالوصية أن بناءه لا يقلع يَشْكُل على ذلك؛ لأنه يكون كبناء الغاصب، وأما غير العالم؛ فبناؤه كبناء المشتري من الغاصب على ما سبق، والمنصوص عن أحمد في "رواية ابن منصور": أن البناء للورثة ولم يتعرض (٢) لتملكه عليهم ولا لقعله، وظاهره (٣) أنه محترم، وذلك يرجع إلى أن الموصى له يملكه من حين القبول، أما إن قيل: يملكه بالموت أو يتبين بقبوله ملكه بالموت؛ فالبناء (٤) في الأرض مع العلم بالحال تفريط وعدوان.

- (ومنها): من كان في أرضه نخلة لغيره، فلحق صاحب الأرض ضرر بدخوله؛ قال أحمد في "رواية حنبل"، ذكر له الحديث الذي ورد في ذلك، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر صاحبها أن يبيع فأبى، فأمره أن يناقل، فأبى، فأمره أن يهب، فأبى؛ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت مضار، اذهب فاقلع نخله" (٥).


(١) في المطبوع: "أوصى".
(٢) في (ج): "ولم يعترض"، ولعل الصواب. ما أثبتناه.
(٣) في المطبوع: "فظاهره".
(٤) في (أ): "بالبناء"، وله وجه.
(٥) أخرجه أبو داود في "السنن" (كتاب الأقضية، أبواب من القضاء، ٣/ ٣١٥/ رقم ٣٦٣٦) -ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" (٩/ ٢٩) -، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ١٥٧)؛ من طريق حماد، ثنا واصل مولى أبي عُيينة؛ قال: سمعتُ أبا جعفر =