للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعلم بما نتناجى، فقال عبادةُ بن الصامت: لئن طال بكما عُمُرُ أحدِكما أو كلاكما لتوشِكان أن تريا الرجلَ من ثَبَج المسلمين -يعني من وَسط-، قرأ القرآن على لسان محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فأعاده (١) وأبداه، فأحلَّ حلَاله، وحرَّمَ حرامه، ونَزل عند منازِلِه، لا يَحُورُ منه إلا كما يحور رأسُ الحمار الميت (٢).

قال: فبينما نحن كذلك إذ طلع علينا شدّادُ بنُ أوسٍ وعوف بنُ مالكٍ رضي الله عنهما، فجلسا إليه، فقال شدادُ: إن أخوفَ ما أخاف عليكم أيها الناس لَما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:

"من الشهوةِ الخفيةِ والشركِ".

فقالَ عبادةُ بن الصامتِ وأبو الدرداء: اللهم غُفْراً، أَوَ لَمْ يَكُنْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قد حدثنا:

"إن الشيطان قد يئس أن يُعبَدَ في جزيرة العرب"؟

فأَما الشهوة الخفية فقد عرفناها، هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها، فما هذا الشرك الذى تخوفنا به يا شداد؟!

فقال شداد: أرأَيتَكُمْ (٣) لو رأيتمُ رجلاً يصلي لرجلٍ، أو يصومُ لرجلٍ، أو يتصدَّق له [أترون أنه قد أشرك؟ قالوا: نَعم والله، إنه من صلى لرجلٍ أو صامَ له أو تصدقَ له] (٤) لقد أشرك.

[فقال شداد: فإني قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:


(١) في الأصل ومخطوطة الظاهرية: (قد أعاده)، والتصويب من "المسند" و"النهاية".
(٢) (الحورة): الرجوع: أي: لا يرجع منه بخير ولا ينتفع بما حفظه من القرآن، كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه.
(٣) في الأصل وغيره مثل مطبوعة الثلاثة: (أرأيتم)، وهو خطأ.
(٤) زيادة من "المسند".

<<  <  ج: ص:  >  >>