(تواردت النصوص المتواترة على نزول سيدنا عيسى عليه السلام، ولكن لا توقيت فيها لزمن نزوله بالتحديد والتعيين، وإنما التوقيت فيها بالأمارات والعلامات الدالة على نزوله.
قال الإمام ابن جرير الطبري في مقدمة "تفسيره": ١: ٧٤ و ٩٢: "تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة: أحدها لا سبيل إلى الوصول إليه، وهو ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار، وهو الذي استأثر الله بعلمه، وحجب علمه عن جميع خلقه، وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى ابن مريم، ووقت طلوع الشمس من مغربها، وما أشبه ذلك.
فإن تلك أوقات لا يعلم أحد حدودها، ولا يعرف أحد من تأويلها إلا الخبر بأشراطها، لاستئثار الله بعلم ذلك على خلقه، وبذلك أنزل ربنا محكم كتابه، فقال:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}(١).
وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شيئًا من ذلك، لم يدل عليه إلا بأشراطه، دون تحديده بوقته، كالذي روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه، إذ ذكر الدجال: "إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه، وإن يخرج بعدي، فالله خليفتي عليكم". وما أشبه ذلك من الأخبار الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم، لم يكن عنده علم أوقات شيء منه بمقادير السنين والأيام، وأن الله جل ثناؤه إنما عرفه مجيئه بأشراطه، ووقته بأدلته") اهـ (التصريح).