أزاد في بحثه الذي نشر تحت عنوان (يسألونك عن ذي القرنين) فأتى به بما يثبت المعجزة ويقيم الحجة، وقد استغرق البحث مائة وثلاث صفحات تحدث فيه عن شخصية ذي القرنين كما ذكرها القرآن ثم تحدث فيه عن حيرة المفسرين في تعيين شخصه ثم وصل إلى أن المفروض أن تكون نقطة البداية في البحث هي في كتب العهد القديم على اعتبار أن السائلين أو الدافعين للسؤال هم اليهود فعثر على نقطة البداية في سفر دانيال وهذه هي:
"في السنة الثالثة لجلوس بيلش فر الملك كنت بمدينة سوس هيرا من أعمال عيلام على شاطئ النهر أولائي، فرأيت الرؤيا للمرة الثانية، رأيت كبشًا واقفًا على شاطئ النهر له قرنان عاليان. وكان الواحد منهما منحرفًا إلى ظهره، ورأيت الكبش ينطح بقرنيه غربًا وشرقًا وجنوبًا لا قبل لحيوان بالوقوف أمامه فهو يفعل ما يشاء وصار هو كبيرًا جدًا وبينما أنا أفكر في هذه الظاهرة إذ رأيت تيسا أقبل من جهة الغرب وغشي وجه الأرض كلها، وكان بارزا بين عيني التيس قرن عجيب. ثم إن التيس اقترب من الكبش ذي القرنين ونفر منه مغضبا ثم عمد إليه فكسر قرنيه وصرعه وداسه فأصبح الكبش ذو القرنين عاجزًا عن مقاومته، محروما من ناصر ينصره عليه- "سفر دانيال ٨: ١".
ثم ذكر الكتاب على لسان دانيال أن الملك جبريل ظهر له وشرح رؤياه قائلًا: إن الكبش ذا القرنين يمثل اتحاد المملكتين، مادا وفارس، فيملكهما ملك قوي لا تقدر دولة على مواجهته. أما التيس ذو القرن الواحد الذي رآه بعد الكبش، فالمراد منه ملك اليونان، والقرن البارز بين عيني التيس، يدل على أول ملك من اليونان (٨: ١٥). اهـ رسالة (ويسألونك عن ذي القرنين).
ومظهر هذه النبوءة المتفق عليه هو الملك (قورش) أو (غورش) والذي يسميه اليونان (سائرس) واليهود (خورس) وهو الذي وحد مملكتي مادا وفارس واستولى على بابل وكانت له ثلاث توجهات في حروبه: توجه نحو الغرب حارب فيه اليونان وقهرهم، وتوجه نحو الشرق حارب فيه قبائل رحلا، وتوجه نحو الشمال سيطر فيه على القبائل الجبلية، وكان من صفاته الرحمة والعدل والحرص على الرعية، وكان على الدين الصحيح لزرادشت الذي قام دينه على التوحيد ثم حرفته الديانة المجوسية التي كانت سابقة على دين