للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكانت في هذه المناطق قبائل همجية يغلب على معظمها الترحل، ثم فتح بعد ذلك بابل وأنقذ اليهود من الأسر، ثم كان هجومه الثالث نحو الشمال أي نحو البلاد التي سميت فيما بعد بالقوقاز، وقد وصل غورش في حربه هذه إلى نهر أطلق عليه ولا يزال يطلق عليه اسم (نهر سائرس) أي نهر غوروش، وهناك بني سدًا حديديًا في الممر الجبلي الوحيد الذي يمكن أن يعبر منه سكان شرقي تلك البلاد إلى أرض القوقاز وكانت وفاته سنة (٥٢٩) قبل الميلاد ومن المجمع عليه عند كل من كتب عنه من صديق وعدو أنه كان عادلًا رحيمًا حكيمًا، وأسفار العهد القديم تصفه بالتوحيد والعبودية الخالصة لله عز وجل، وتعليل ذلك أنه كان من أتباع زرادشت نبي الفرس على القول الراجح وذلك قبل أن يحرف دين زرادشت.

وبعد أن يعرض أبو الكلام أزاد هذا العرض يأتي بالنص القرآني الوارد في حق ذي القرنين ويبرهن على أنه ينطبق على قورش، وبالنسبة للعين الحمئة التي وقف عندها ذو القرنين يقول أبو الكلام:

"لنضع خريطة الساحل الغربي لآسيا الصغرى أمامنا. نرى فيها معظم الساحل قد تقطع في خلج صغيرة، لا سيما على مقربة من أزمير، حيث اتخذ الخليج صورة عين. كانت سارديز على مقربة الساحل الغربي، ولا تبعد كثيرًا عن أزمير الحاضرة. فلنا أن نقول إن غوروش لما تقدم بعد استيلائه على سارديز، وصل من ساحل بحر أيجة إلى مكان قريب من أزمير، ورأى الساحل قد اتخذ صورة تشبه العين، وكان الماء قد انكدر من وحل الساحل، فرأى الشمس تغرب مساء في هذه العين، هذا هو ما عبر عنه القرآن بقوله {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} (١). أي أنه تراءى له كأن الشمس تغرب في بقعة كدرة من الماء.

ومن المعروف أن الشمس لا تغرب في مكان ما، ولكنك إن وقفت على ساحل بحري، رأيت الشمس كأنها تغرب رويدًا رويدًا في البحر" اهـ رسالة (ويسألونك عن ذي القرنين).

ثم يتحدث أبو الكلام أزاد عن المهمة الشرقية ويذكر أن كلا من المؤرخين اليونانيين


(١) الكهف: ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>