للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} (١).

{يَدْعُوكُمْ} أي يبعثكم {فَتَسْتَجِيبُونَ} أي: فتنبعثون للمحاسبة والجزاء. وقوله {بِحَمْدِهِ}: حامدين الله على كمال قدرته، والظاهر أن هذا يقوله الكافر والمؤمن بعد إذ انكشف الغطاء فليس أمام الكافر إلا إعلان الولاء والحمد لله ولا ينفعه ذلك.

{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ} (٢).

إن لكل نبي أمته وبعض أمم الأنبياء منهم مسلمون ومنهم كافرون، وبعض الأمم كلهم كافرون، والمراد بالآية والله أعلم أن الكافرين من أمة كل رسول يحشرون مع بعضهم بعضًا، وقوله تعالى (يوزعون) أي يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا جميعًا، وتكون المخاطبة والمحاسبة والظاهر أن الخطاب يكون بعد الشفاعة لفصل الخطاب، وتميز كل أمة كانت تعبد شيئًا سوى الله عن غيرها، ومواقف القيامة متعددة وفي كل موقف قد توجد حال لا تكون في موقف آخر.

{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (٣).

الظاهر أن هذا المشهد يكون بعد إذ يخاطب المشركون مجتمعين مع ما أشركوا به بعد شفاعة فصل الخطاب، فيغيب عنهم شركاؤهم بعد إذ يجمعون بهم أو بما يخيل لهم أنهم شركاؤهم، ويحدث الجدال فيما بينهم فيخاطبون بعد غيب الشركاء، ويحلفون كاذبين أنهم لم يكونوا مشركين والمراد بالفتنة في الآية كذبهم الذي هو مظهر خبثهم كما أن النار تفتن الذهب فتخلص زيفه من جوهره.


(١) الإسراء: ٥٢.
(٢) النمل: ٨٣ - ٨٥.
(٣) الأنعام: ٢٢ - ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>