للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ} (١).

قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} المراد به على رأي بعض المفسرين الموقف الذي ينفصل فيه أهل الإيمان عن أهل الكفر ذلك يكون بعد شفاعة فصل الخطاب إذ يأمر الله عز وجل كل أمة أن تتبع ما كانت تعبد من دون الله، وقوله تعالى {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} هذا يكون يوم القيامة في أكثر من موقف يكون عند الحساب وعند الميزان ويكون قبل ذلك عندما ينكرون ما كانوا عليه من الشرك، وهذا الموقف قد يتعدد والله أعلم بتفصيلاته وإنما استأنسنا لما ذكرناه استئناسًا ببعض النصوص.

وفي تميز أهل الإيمان عن أهل الكفر قال ابن كثير في النهاية:

فإذا نصب كرسي فصل القضاء انماز الكافرون عن المؤمنين في الموقف إلى ناحية الشمال، وبقي المؤمنون عن يمين العرش، ومنهم من يكون بين يديه، قال الله تعالى:

{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} (٢).

وقال تعالى: {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} (٣). اهـ. (النهاية في الفتن والملاحم).

{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (٤).

قوله تعالى عن الكاذبين على الله بأن وصفوه بما هو منزه عنه أو لم يعطوا الألوهية حقها وجوههم مسودة ذكر البيضاوي في تفسيرها: مسودة مما ينالهم من الشدة أو مما يتخيل عليها من ظلمة الجهل. أقول ولا مانع من حملها على ظاهرها بأن يعاقبهم الله بأن تكون وجوههم سوداء مظلمة. والظاهر أن الكافرين تصيبهم تلونات قبيحة متعددة يوم القيامة فإنهم يحشرون زرقًا وإذا رأوا صحائفهم سوداء اسودت وجوههم ومن قبل ذلك تسود


(١) يس: ٥٩ - ٦٧.
(٢) يس: ٥٩.
(٣) يونس: ٢٨.
(٤) الزمر: ٦٠ - ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>