للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو في آخر الصراط أو في مكان ما على الصراط.

{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} (١).

قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ} أي يتعام عن القرآن ويعرض عنه {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} نسلط {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} أي مصاحب {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} الضمير في الكلمتين يعود على الإنسان الضال وقرينه؛ فإن هؤلاء يتعاونون على صد الخلق عن سبيل الله، وهم يتصورون أنهم مهتدون بذلك كما نرى حال الكافرين في عصرنا دعاة ومدعوين، فكل صاحب دعوة يتوهم أنه يدعو الناس إلى هداية، {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا} أي ذلك الإنسان الذي أضله الشيطان {قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}، وذلك أن الكفار يحشرون مقرنين مع شياطينهم.

{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (٢).

{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا} أي المتبعون ممن كانوا يتبعونهم، ويدخل في المتبعين هما أئمة الضلال ومن عبد من دون الله، والظاهر أن هذا يكون بعد شفاعة فصل الخطاب. وقوله تعالى: (وتقطعت بهم الأسباب) أي الوصل التي كانت بينهم من الاتباع والاتفاق على الدين والأغراض الداعية إلى ذلك وهذا نموذج على الحوار بين الأتباع والمتبوعين عندما تؤمر كل طائفة أن تتبع ما كانت تعبد من دون الله أو عندما يدعى كل أناس بإمامهم وذلك بعد شفاعة فصل الخطاب.

{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا


(١) الزخرف: ٣٦ - ٣٩.
(٢) البقرة: ١٦٥ - ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>