للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأخبره بما يهمه منه. وكان لكل كاهن منهم صاحب من الجن يحضر إليه فيخبره بما يريد، وليس هذا الاستخدام ببعيد عن العقل؛ فإن ما يحصل في أوروبا من استحضار الأرواح يسهل فهمه على الباحثين أهـ.

وقال البغوي في شرح ألسنة:

"فالكاهن: هو الذي يخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار، ومطالعة علم الغيب، وكان في العرب كهنة يدعون معرفة الأمور، فمنهم من كان يزعم أن له رئيسًا من الجن، وتابعة تلقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يدعي أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه. والعراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها، كالمسروق من الذي سرقها، ومعرفة مكان الضالة، وتتهم المرأة بالزنى، فيقول: من صاحبها، ونحو ذلك من الأمور. ومنهم من يسمى المنجم كاهنًا" أهـ.

وقال البغوي في شرح السنة (١) مثبتًا السحر وإمكانية تأثيره على أجساد الأنبياء وأن ذلك لا يترتب عليه ضرر في مهمات الرسل:

قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (٢) وقال جل ذكره: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (٣) وقال سبحانه وتعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (٤). وقال سبحانه وتعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (٥).

فنفي السحر جهل، والرد على من نفاه لغو وفضل.

فأما زعموا من دخول الضرر في الشرع بإثباته، فليس كذلك، لأن السحر إنما يعمل في أبدانهم [أي في أبدان الأنبياء] وهم بشر يجوز عليهم من العلل والأمراض ما يجوز على


(١) شرح السنة (١٢/ ١٨٤).
(٢) البقرة: ١٠٢.
(٣) طه: ٦٩.
(٤) الفلق: ٤. (والنفاثات): السواحر تنفث، أي: تنفل بلا ريق.
(٥) طه: ٦٦.
(يخيل): أي. يشبه، والتخايل: كل ما لا أصل له.

<<  <  ج: ص:  >  >>