للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيرهم، وليس تأثير السحر في أبدانهم بأكثر من القتل، وتأثير السم، وعوارض الأسقام فيهم، وقد قتل زكريا وابنه وسم نبينا صلى الله عليه وسلم بخيبر. فأما أمر الدين، فإنهم معصومون فيما بعثهم الله جل ذكره، وأرصدهم له، وهو جل ذكره حافظ لدينه، وحارس لوحيه أن يلحقه فساد أو تبديل، وإنما كان خيل إليه أنه يفعل الشيء من أمر النساء خصوصًا، وهذا من جملة ما تضمنه قوله: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (١). فلا ضرر إذا يلحقه فيما لحقه من السحر على نبوته وشريعته والحمد لله على ذلك، والسحر من عمل الشيطان يفعل في الإنسان بنفثه، ونفخه، وهمزه، ووسوسته، ويتلقاه الساحر بتعليمه إياه، ومعونته عليه، فإذا تلقاه عنه، استعمله في غيره بالقول والنفث في العقد، وللكلام تأثير في الطباع والنفوس، ولذلك صار الإنسان إذا سمع ما كره يحمي ويغضب، وربما حم منه، وقد مات قوم بكلام سمعوه، ويقول امتعضوا منه، ولولا طول الكتاب لذكرناهم. هذا كلام الخطابي في كتابه أهـ.

وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم (٢):

عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، ومنه ما يكون كفرًا، ومنه ما لا يكون كفرًا، بل معصية كبيرة، فإن كان فيه ما يقتضي الكفر، كفر واستبيت منه، ولا يقتل، فإن تاب، قبلت توبته، وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر، عزر، وعن مالك: الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب، بل يتحتم قتله كالزنديق، قال عياض: وبقول مالك قال أحمد وجماعة من التابعين. أهـ.


(١) البقرة: ١٠٢.
(٢) شرح مسلم (١٤/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>