للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تطلق كلمة القلب على معنيين: القلب الحسي الذي يشترك فيه الإنسان والحيوان، وعلى قلب آخره مقرُّه ذلك القلب، وهو مرتبط به نوع ارتباط، وهو محل الإيمان والكفر والنفاق، ومركز ظهور العواطف، وهو بالنسبة للإنسان محل القرار والإرادة، فهو محل التردد، والشك، والإقدام، والإحجام.

وللإنسان دماغ هو محل التفكر، والمحاكمات، وقد يكون محل خزن المعلومات، وهو محل إدراك الخطاب، وهو مخزن الحواس ومركز الإحساس، ومنظم الجملة العصبية إلى غير ذلك من المهام، وهناك الروح التي تعطي الجسد والقلب والدماغ.

* * *

عندما يكون الإنسان جنيناً في بطن أمه في المرحلة الأولى فإن حياته تكون تبعاً لحياة أمه، وإنما تكون له شخصيته المستقلة منذ نفخ الروح فيه، فعندما تُنفخ الروح عندئذ تكون له حياته المستقلة نوع استقلال، والروح في أصل خلقتها عارفة بالله، منطبعة بها البدهيات، والقلب الغيبي حين نفخ الروح في الجسد يكون على الفطرة، فهو نور خالص، والدماغ يكون جاهزاً للتلقي وتخزين المعلومات، هكذا حال الطفل أول ولادته.

* * *

عندما تحل الروح في الجسد تصبح أسيرة هذا الجسد، وبالتالي تتحكم فيها مطالب الجسد، وتفكير الدماغ وقرار القلب والبيئة، كما أن القلب تتحكم فيه مطالب الجسد، وتفكير الدماغ، وتأثير النفس بمطالب الجسد، والروح بعد التلبس بالجسد تسمى نفساً، وبقدر ما تسيطر عليها الشهوات يصبح القلب أسيراً لها، وبقدر ما يستنير القلب يمكن أن يؤثر في النفس، فيستقيم أمر الجسد، ومن ههنا فإن هناك صراعاً بين الخير والشر في ذات الإنسان، إما أن يسيطر العقل أو القلب أو الروح أو النفس أو الجسد، وبين ذلك صور فإذا تطهر القلب وتنور فعندئذ تكون الروح في وضعها الأول وضع العبودية؛ فتظهر فيها الأخلاق العليا كلها، وإلا فإنها تنتكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>