للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يصدق به وأن ينوره، وأن له نفساً عليه أن يزكيها، وأن له روحاً ركّبها الله عز وجل بهذا الجسد: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} (١)، ونصوص الكتاب والسنة متعاضدة متضافرة على تأكيد هذه المعاني، ولكن التداخل في الوظائف والتكليف يجعل أحياناً الكلام عن هذه المعاني متداخلاً في النصوص وفي كلام الناس، والمسلم مكلّف بالجملة بالإثبات، ولا يكلف كل مسلم بمعرفة كل النصوص، وحمل كل نص على المراد الدقيق منه.

إن الإيمان بالقلب والنفس لهما آثارهما في التربية والسلوك، فبينما ينبغي أن يكون مركز اهتمام المسلم قلبه ونفسه، وإذا به في حالة الإنكار يتوجه إلى الفكر والدماغ، وبينما يحس المؤمن إحساساً ذوقياً بقلبه ومقاماته فمن توكّل وخوف ورجاء ومحبة، إذا بهذا المُنْكِر يفقد هذا كله.

* * *

إن عصرنا جعل أكثر الناس علماً هم أكثر الناس تواضعاً؛ فمن عرف ضآلة بعض الإفرازات في الجسد، وضخامة تأثيرها، ومن عرف ضآلة حجم بعض الأشياء في الدماغ، وضخامة تأثيرها. ومن عرف أنه لو جمعنا كل أجهزة العالم من (التليفون والتلغراف والرادار والتلفزيون) ثم صَغّرناها إلى مثل حجم الدماغ فإنها لا تبلغ بمجموعها أن تؤدي وظائف الدماغ، ومن عرف فكرة التسجيلات والمسجّلات والطاقة الكهربائية والذرية ينبغي أن يزداد تواضعاً؛ فيسلم لمن يعلم ومن أعلم من الله!!

{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} (٢).

{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (٣).

وعوالم القلب والروح والعقل والجسد والنفس ليس مثل المسلم على بصيرة فيها. ونحن سنستعرض في هذا الفصل بعض نصوص الكتاب والسنة، وفيها العلم الذي يحكم على كل علم. وفيما بين يدي ذلك تقول:


(١) الحجر: ٢٩.
(٢) الكهف: ٥١.
(٣) الإسراء: ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>