للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمعاصي فاجتنب المعاصي وأتى بالفرائض وبما استطاع من النوافل فإنه على أبواب الولاية بإذن الله.

والسبب في توسيع دائرة الكبائر أو تصغيرها يرجع إلى اعتبارات متعددة، ففي الشريعة أوامر ونواه وطاعات ومعاص، فترك الأوامر والطاعات معاص يصل بعضها إلى أن يكون كبيرة.

والمعاصي منها الظاهر ومنها الباطن، فمن قاس على ما ورد من كبائر من حيث الخطورة وفداحة الآثار أدخل كثيرًا من النواهي والمعاصي في الكبائر، وذا الكتاب سيتعرض للطاعات وللمعاصي إذا جاءت مناسبتها فلا نتوسع في هذا الأمر.

وليبق على ذكرٍ منا قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (١).

فأهل السنة والجماعة خالفهم المعتزلة الذين يقولون بوجوب إنفاذ الوعيد، وأن مرتكب المعصية كائن في النار لا محالة وهو بمنزلة بين المنزلتين فلا هو كافر ولا هو مؤمن. وأهل السنة والجماعة خالفهم الخوارج الذين يكفرون مرتكبي المعاصي.

إن أهل السنة والجماعة قالوا: إن لله أن يعفو عمن لا يشرك به، ولكن ليس هذا واجبًا عليه بل هذا شأنه، وقالوا إن وعيده لأهل المعاصي لابد واقع على بعضهم على حسب المشيئة وذلك شأنه في المعاملة بالعدل أو بالفضل وذلك شأنه أن يعفو عن بعض أهل المعاصي لقبول حسناتهم أو لوجود خصوصيات لم تخفف عنهم الحساب، والأمر إليه.

قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم (٢):

وأما حكمه صلى الله عليه وسلم على من مات يشرك بدخول النار، ومن مات غير مشرك بدخول الجنة فقد أجمع عليه المسلمون. فأما دخول المشرك النار فهو على عمومه، فيدخلها ويخلد فيها، ولا فرق فيه بين الكتابي اليهودي والنصراني، وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة. ولا فرق


(١) النساء: ٤٨.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي جـ ٢ ص ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>