للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دون شدة وغلظة بل بالبيان الرفيق وذكر الدليل وذكر من أفتى بذلك من أئمة الفتوى.

إن ما ذكرناه هو الأمر الجامع وهو الذي ينسجم مع النصوص ومع فعل الصحابة وإجماع أهل الفتوى المعتبرين: ألا ترى إلى إجماع الصحابة على جمع عمر الناس في صلاة التراويح على إمام واحد وجعلها عشرين، وقول عمر (نعمت البدعة هذه) وكل ذلك قد صح عن عمر وعن الصحابة (١). ألا ترى أن الذين يضللون عمر والصحابة بسبب ذلك قد دخلوا في دائرة الضلال، فعمر من الخلفاء الراشدين المهديين الذين أمرنا بالاقتداء بهم والاقتداء بهديهم، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم عدول وهم أعمق الناس فهمًا لكتاب الله، ولم تزل الأمة تفعل ما فعله دون نكير إلا من دخل في دائرة الغلو ولم يستطع الخروج منها.

وهذه نقول عن العلماء توضح ما ذكرناه وتؤكده:

قال الإمام الشافعي: البدعة بدعتان محمودة ومذمومة، فما وافق السنة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم.

ويشهد لهذا المعنى حديث جرير عند مسلم (٢) "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" ومثل هذه الأحاديث أحاديث أخرى تدور حولها منها: حديث ابن مسعود عند مسلم (٣): "من دل على خير فله مثل أجر فاعله". وحديث أبي هريرة عند مسلم (٤): "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم ... ".

إن ما يحدث يجب أن يعرض على قواعد الشريعة ونصوصها فما شهدت له الشريعة بالحسن فهو حسن مقبول وما شهدت له الشريعة بالمخالفة والقبح فهو المردود وهو البدعة


(١) راجع شرح السنة (٤/ ١١٦ - ١٢٥) بتحقيق الأستاذ شعيب الأرناؤوط.
(٢) مسلم (٤/ ٢٠٥٩) ٤٧ - كتاب العلم. ٦ - باب من سن سنة حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة.
(٣) مسلم (٣/ ١٥٠٦) ٣٣ - كتاب الإمارة. ٣٨ - باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره وخلافته في أهله بخير.
(٤) مسلم (٤/ ٢٠٥٩) ٤٧ - كتاب العلم. ٦ - باب من سن سنة حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>