للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آخر في بلدة "أصفهان" اسمه أبو عيسى وادعى أنه المسيح، وقال إن عودة فلسطين لن تتم إلا على أسنة الرماح، وأعد جيشًا قوامه عشرة آلاف جندي من اليهود، وواتته فترة الاضطرابات التي كان يعانيها العالم الإسلامي عند سقوط الدولة الأموية وقيام دولة بني العباس، فعاشت حركة أبي عيسى فترة لأن أبا العباس السفاح انشغل عنها بما صادفه من مشكلات في مطلع الدولة العباسية، فلما آل السلطان للخليفة المنصور اتجه بضربة قاصمة إلى جيش اليهود فهزمه، وفر أبو عيسى تجاه الشمال، ذاكرًا أنه سيتقابل هناك مع أحد قادة اليهود المختفين ليتعاون معه على استعادة فلسطين.

وفي القرن السابع عشر ظهر في "سالونيك" يهودي اسمه سبتاي زيفي، كان واسع الاطلاع على الثقافة اليهودية مما جعله على صلة بأقوال اليهود حول المسيح المنتظر، ورأى زيفي ما عاناه اليهود في حرب الثلاثين بأوربا، فقد أمضى طفولته وشبابه وهذه الحرب مشتعلة، حيث كان اليهود وقودًا لها، وساورته نفسه أن يعلن أنه المسيح المنتظر، فعكف على الصلاة والصوم، وأخذ يطوف البلاد هنا وهناك، ويدعو لنفسه ويعلن قرب ظهور المسيح المبارك، ولما حلت سنة ١٦٦٦ أعلن زيفي أول رسالة لليهود، واختار لإعلانها يومًا يمضيه اليهود في صوم وحزن لأنه يرتبط بذكريات أليمة عندهم، وفي هذه الرسالة يقول:

"من أول ابن لله سبتاي زيفي، المسيح، مخلص شعب إسرائيل، إلى جميع أبناء إسرائيل .... السلام .... لما كان قد قدر لكم أن تكونوا جديرين برؤية اليوم العظيم وإنجاز وعد الله إلى أبنائه، فلابد أن تغيروا أحزانكم فرحًا وصومكم مرحًا، لأنكم لن تبكوا بعد الآن، فاستمتعوا وغنوا واستبدلوا باليوم الذي كان من قبل يقضى في حزن وآلام، يوم عيد، لأني ظهرت ... ".

وراح سبتاي في حماسة ظاهرة ينتقل هنا وهناك ويواصل دعوته، ولم يستطع الربانيون أن يوقفوا حركته التي أخذت تنتشر في كل مكان بين اليهود، حتى أصبح له أتباع في أمستردام وهامبورج ولندن بالإضافة إلى أتباعه بالشرق. وقد بلغ تصديقه مبلغًا عظيمًا حتى إن أتباعه راحوا يبيعون ممتلكاتهم، ويجمعون ثروتهم، ويعدون أنفسهم للعودة من المهجر إلى فلسطين خلف "سبتاي"، وفي فارس توقف العمال اليهود عن طاعة ساداتهم، ورفضوا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>