للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يستمروا في فلاحة الأرض، وبدأ اليهود في كل مكان وكأنما مسهم طائف من الجنون وأصبحوا عبيداً للأمل الذي جددته دعوة "زيفي".

وانتشى "زيفي" بالنصر الذي حققه، فراح يُدخل تعديلات جريئة في التقاليد والنظم اليهودية، فغير وقت الصوم ومواعيد الأعياد كما جاء في رسالته التي ذكرناها آنفاً، ووصلت به النشوة إلى أن تخيل نفسه صاحب سلطان شامل، فأخذ يوزع التيجان على إخوته وأصدقائه المقربين؛ بعد أن عين كلا منهم ملكاً على منطقة من المناطق التي رأى أن سلطانه سيزحف عليها، واحتفظ لنفسه بقلب "ملك الملوك".

ووصل "زيفي" في تجواله إلى القسطنطينية حيث عاصمة الخلافة العثماينة، ويلاحظ أن الخليفة المسلم لم يتعرض له في المدة السابقة؛ لأنه فيما يبدو لم يُرد أن يواجه الحماس والصخب الذي أحاط باسم "سبتاي" في أول أمره، وهذا التصرف من الخليفة المسلم شجع سبتاي إلى أن يدخل عاصمة الخلافة؛ وهناك ألقى الخليفة القبض عليه، وأحكم قيده، وألقى به في قلعة الدردنيل، واكتفى الخليفة المسلم بذلك فترة نعم خلالها "سبتاي" بالكرم والحفاوة، وزحف كثير من اليهود إلى القسطنطينية ليروا مصير قائدهم، ولكن أحد اليهود الربانيين البولنديين أعلن أن "سبتاي" كاذب، وأن حركته تهدد الأمن والسلام، وانتهز السلطان محمد الرابع هذا الخلاف، فأحضر "سبتاي" أمامه في جمع حافل؛ وأعدّ بعض الجند المهرة لقتله، ثم أعلن هذا السلطان استعداده ليتحول إلى اليهودية إذا استطاع "سبتاي" ابنُ الله، والمسيح المنقذ كما يدعي، أن يمنع الرصاص من الانطلاق، وفي نفس الوقت منح الخلفية فرصة "لسبتاي" ليُعلن أنه كاذب مُدَّعٍ، وأن يدخل الإسلام إن كان يعرف أنه لن يستطيع إيقاف الرصاص من الانطلاق، وسرعان ما اختار "سبتاي" السلامة، وأعلن أنه كاذب، واعتنق الإسلام أو لم يجد مناصاً من ذلك، وسُمِّي محمد أفندي؛ وانتهت بذلك هذه الزوبعة التي أثارها هذا المدعي، ولا يزال اليهود حتى الآن ينتظرون المسيح. اهـ شلبي.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>