للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيما خالفوا به النص كما فعلت طوائف من الشيعة، ووجد من يؤلمهُ البشر كما فعل النصيرية والدروز والإسماعيليون، ووجد من يدعي النبوة ويُتابع كغلام أحمد القادياني ومسيلمة الكذاب، ووجد التأويل الجاهل كما فعل المعتزلة، ووجد التشبيه كما فعل المشبهة، ووجدت المواقف الغالية كما فعل الخوارج، ووجد تعطيل العمل كما فعل المرجئة، ووجد الإباحيون الذين يستحلون المحرمات، ووجد المعطلون للشريعة كما يفعل العلمانيون.

وسر الأسرار في الزيغ والضلال اتباع المتشابه وترك المحكم.

والمتشابه في هذا المقام نسبي، فكثير من المتشابهات التي ضل بها أقوام إنما هي متشابهات بالنسبة لمحكمٍ معين، وهذه القضية من أخطر القضايا ولا بد أن تفهم:

فالقرآن الكريم في حيثية من حيثياته كله محكم. قال تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (١).

فالإحكام قدر مشترك في القرآن.

والقرآن من حيثية أخرى كله متشابه: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} (٢).

فالقرآن يشبه بعضه بعضاً من حيث كونه حقاً ومعجزاً إلى غير ذلك، ولكن نصوص القرآن منها ما هو قطعي الدلالة، فهذا محمم بالنسبة لغيره ومنه ما يحتمل أكثر من معنى، ومن ههنا ذكر الأصوليون أن النصوص أقسام فمنها:

المؤول وهو ما يحتمل أكثر من وجه أحدهما صحيح، والباقي غير صحيح، ومن المؤول المتشابه.

ومنها: النص وهو اللفظ الذي ظهرت دلالته على المعنى الذي سيق له مع احتمال التخصيص إن كان عاماً، والتأويل إن كان خاصاً.


(١) هود: ١.
(٢) الزمر: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>