للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وولى القوم خليفة له الميرزا يحيى ولقبوه (حضرة الأزل) فرأى الرئيس الجديد أن يترك عاصمة البلاد هربًا من الاضطهاد ويتجول في الجهات ليثبت أشياعه في الإيمان.

ولكن البابيين لم ينسوا ثار رئيسهم الأكبر فأرادوا أن يغتالوا به الملك نفسه. فلما كان سنة ١٨٥٢ هجم ثلاثة منهم على الشاه بقصد اغتياله فلم يتمكنوا إلا من جرحه فقبض عليهم الجنود وأذاقوهم ألوان العذاب فاحتملوا كل ذلك بصبر خير الألباب، ثم أوغلت الحكومة في القبض على البابية فأمسكت قرة العين وأمرت بإحراقها حية. ثم أمرت الحكومة بتعذيب من قبض عليهم من الرجال والنساء والولدان. وحملت الحماسة بعض رجال البلاط الملوكي على قتل بعض المقبوض عليه بأيديهم بطرق فظيعة يقشعر منها جلد الإنسان.

ورأى الناس في سوق طهران منظرًا يفتت الأكباد، ويذيب الأفئدة، رأوا أسرابا من الرجال والنساء والأطفال مقودين بالحبال أجسادهم مجروحة وقد وضع الجلادون في كل جرح فتيلة ملتهبة، وهم كيوم ولدتهم أمهاتهم يتلون جميعًا بصوت مرتفع قوله تعالى: (إنا لله وإنا إليه راجعون) والجنود خلفهم يضربون من يتأخر أو من يقع منهم بالسياط فإذا مات طفل في الطريق ألقوه تحت أرجل أبويه فكانا يمران عليه غير ملتفتين إليه.

ثم لاح لأحد الجلادين أن يأتي بطفلين لأحدهم فيذبحهما على صدره ففعل ولم يزدد الأب إلا صبرًا وثباتًا، وقد أظهر الطفلان من آيات البطولة ما خلد ذكرهما في التاريخ إذ كانا يتسابقان إلى ورد الموت، ويتزاحمان على حوضه المرير ليقتل أحدهما قبل الآخر.

ثم رميت الجثث بالأرض تسيل دماؤها وتجرى مهجاتها، والكلاب تنوشها وترتع في أشلائها.

هذه الحركة أثرت على البابية تأثيرًا ما فأضعفت صوتها العلني، ولكنها لم تبطل حركتها السرية، فانقلبت إلى مذهب سري سرى في كثير من الناس واعتنقه من كان لا يظن فيه أن يصبأ إليه.

(ما هي عقائد البابيين): عقائد البابيين موجودة في كتبهم وأخصها كتاب البيان الذي وضعه باللغة العربية الباب نفسه، ولم نعثر نحن عليه لننقل منه للقراء فنستدرك هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>