للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انحرافات الأمم وتتخذ من هذه الأمم في انحرافاتها قدوة، فالنصوص النبوية ذكرت أن هذا واقع، وذكرها له تحذير منه، وعلى الربانيين والمصلحين أن يعملوا ليجددوا حياة الإسلام وحيويته، ولينقذوا المتأثرين بالفكر الغريب والسلوك المنحرف أو المريب.

إن هناك انحرافات بشرية فردية، وهناك انحرافات جماعية، وهناك انحرافات محلية، وانحرافات عالمية، وهناك مسرى للانحراف قد يكون فردياً أو محلياً وعالمياً، وقد تتعدد مسربات الانحراف عند الأمم وهناك مسرى منحرف لأهل الأديان الباطلة في الجملة، وهناك مسرى منحرف خاص بأهل كل دين، وهناك مسربات منحرفة لمن لا دين له.

والأمة الإسلامية معرضة لأن يسري إليها ذلك كله، ومن ههنا كان الإسلام بحاجة إلى تجديد في كل جيل من أجيال هذه الأمة، وكان من رحمة الله بهذه الأمة ألا تنقطع سلسلة المجددين.

إن المسرى السيايس العام للعالم هو السير نحو العلمانية بألا يكون للدين علاقة في الحياة السياسية، تجد ذلك قاسماً مشتركاً عند أتباع الأديان الباطلة من بوذية أو كونفوشيوسية أو برهمية أو زرادشتية أو يهودية أو نصرانية أو وثنية، وتجد أن هذا المسرى قد اختطف الكثيرين من أبناء الأمة الإسلامية حتى غلب ولا زال يغلب على الكثير من أقطارها، وتجد أن بعض أهل الأديان وصلوا إلى إعطاء أحبارهم ورهبانهم صفة العصمة، فتجد أن ذلك سرى إلى كثير من أبناء الأمة الإسلامية، وأكثر ما ظهر ذلك عند طوائف الشيعة وبعض المتصوفة.

وتجد أن اتباع الأهواء وكسب الملذات والدعوة إلى حرية الإنسان في ذلك قد غلبت على العالم وسرى ذلك للكثيرين من أبناء الإسلام.

وهذا وأمثاله قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقوعه وحذرنا منه وعلمنا الله أن ندعوه في كل صلاة أن يجنبنا ذلك {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (١) والمغضوب عليهم هم اليهود والضالون هم النصارى،


(١) الفاتحة: ٦، ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>