"قال الحافظ ابن كثير بعد إيراده: ٦/ ٦٩ وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم فيه ابن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب الأحبار، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعاً، وقد حرر ذلك البيهقي، وقال ابن كثير أيضاً: ٣/ ٤٨٨ وفيه استيعاب الأيام السبعة، والله تعالى قد قال:{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} ولهذا تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث وجعلوه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار ليس مرفوعاً. وقال أيضاً ٧/ ٣٢٦: وهو من غرائب الصحيح، وقد علله البخاري في "التاريخ" فقال: رواه بعضهم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن كعب الأحبار، وهو الأصح. وقال المناوي في "فيض القدير": وقال بعضهم: هذا الحديث في متنه غرابة شديدة، فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السموات، وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام، وهذا خلاف القرآن، لأن الأربعة خلقت في أربعة أيام، ثم خلقت السموات في يومين، وقد سكت عن الحديث النووي في شرح مسلم، وممن صحح الحديث، الشوكاني في "فتح القدير" وقد تكلم عليه العلماء من جهة متنه، ورأوا أنه معارض للقرآن، ومن صححه كالشوكاني وغيره، رأوا أنه لا تعارض بينه وبين نص القرآن، فإن القرآن ذكر أن الله تعالى خلق السموات والأرض جميعاً في ستة أيام، وخلق الأرض وحدها في يومين، والحديث إنما بين أن الله تعالى خلق ما في الأرض في سبعة أيام، ويحتمل عند بعض من صححه أن تكون هذه الأيام السبعة غير الأيام الستة التي ذكرها الله تعالى في خلق السموات والأرض، وحينئذ لا تكون معارضة، وإنما الحديث فصل كيفية الخلق على الأرض وحدها، والله تعالى أعلم" ا. هـ.
أقول: من المتعارف عليه عند علماء الطبيعة في عصرنا أن الأرض في ابتداء أمرها كانت كتلة نارية ثم أخذت تبرد فظهرت قشرتها شيئاً فشيئاً، وعلى هذا فأول شيءٍ وُجِدَ التربة وبدأت التفاعلات الداخلية والجوية تفعل فعلها فكانت التضاريس والبحار، فتسلسل الأحوال على الأرض بعد خلقها يصدق ما في الرواية سواء كانت هدياً نبوياً أو من روايات