للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى: {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} (١).

ورد هذا النص في سياق قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٢).

فالآية تشير إلى أن نسبة الولد إلى الله كانت موجودة في ديانات سابقة، ومن تأمل هذه النِّحلة وما يلزم عليها من لوازم النقص على الله من تشبيهه بالحوادث وما يحيط بها من نقص الاحتياج إلى الزوجة والولد، ومن اتصافه بصفات الحوادث من تجزئة وتبعيض وشوق وشهوة أدرك مقدار الزلل في العقل البشري، إذ يصف الله عز وجل بهذا الوصف، فيعرف المكلف نعمة الله على البشرية ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ليرجع الناس إلى التنزيه والتوحيد:

{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} (٣).

{وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ} (٤).

ومن أشهر الأديان القديمة التي قالت بالبنوة لله- تعالى عن ذلك- البراهية والبوذية والديانات المصرية القديمة، فأن يذكُر الله عز وجل قول اليهود في عزيرٍ وقول النصارى في المسيح مضاهاة لقول الذين كفروا من قبلُ، فتلك من معجزات القرآن الكبرى.

إن البراهمة يقولون بالتثليث مع قولهم بالتعدد الكثير، فأكبر آلهتهم في زعمهم "براهما" ثم "سيفا" أو "سيو" ثم "ويشنو" ويعتقدون أن "ويشنو" هو الابن "لبراهما"، ويعتقدون أن "ويشنو" الابن حل في أحد رجالاتهم المسمى "كرشنة"، ويعتقدون فيه ها يعتقده المسيحيون في المسيح.

يقول فريد وجدي في دائرة معارفه: "حدثت في الهنرد عقيدة التثليث فتغلبت على توحيدهم السابق فرأيناهم يعبدون إلها واحداً ذا ثلاثة أصولٍ (برهما وفيشنو وسيفا)، وقد


(١) التوبة: ٣٠.
(٢) التوبة: ٣٠.
(٣) مريم: ٨٨ - ٩٢.
(٤) الزخرف: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>