للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يناسب مقام الإنسان في العبودية. وهو الذي يتفق وافتقار الإنسان. وهو الذي يسبغ على الإنسان رضاً وسعادة. وهو الذي يعطي الإنسان شجاعة وإقداماً. والإيمان بالقدر هو مفتاح التوكل على الله. وهذه وغيرها إيجابيات عقيدة القدر. فنحن مكلفون بآن واحد بأشياء: نحن مكلفون بالإيمان بالقدر، ومكلفون في الوقت نفسه بالتوكل، ومكلفون بالعمل والأخذ بالأسباب. فالمعرفة والإيمان والتسليم والعمل هي آداب المسلم في هذا المقام:

{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (١).

* * *

لقد اختلف أهل السنة والجماعة مع المعتزلة في مسائل:

منها خلق أفعال العباد، ومنها شمول تعلق صفتي الإرادة والقدرة بكل ما يجري في هذا العالم.

قال المعتزلة بأن العبد يخلق أفعال نفسه، وقالوا بالقوة المودعة؛ فالله عز وجل جعل الأسباب تعمل على وفق ما أودعها فيه دون أن تكون لإرادته وقدرته تدخل مباشر في يجري، وهذا وهذا من عقائد المعتزلة يتنافى مع النصوص، فالله عز وجل قال: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٢)، {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} (٣)، {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (٤)، {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (٥)، {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (٦)، {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} (٧). ومن أذكار الإسلام: "لا حول ولا قوة إلا بالله". ومن أسماء الله: القيوم، وذلك يقتضي أن كل شيء لا يقوم إلا به، ومن أسماء الله: الصمد، وهذا يقتضي أن الخلق دائمو الاحتياج إلى الله، ومن أسمائه: المعز والمذل والقابض والباسط والقدم والمؤخر والمحي والمميت، وذلك يدل على أن كلِّ ما يجري فعله قد خلقه الله جل جلاله، قال تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} (٨)، وهذا


(١) الكهف: ٢٩.
(٢) الزمر: ٦٢.
(٣) التوبة: ١٤.
(٤) الأنفال: ١٧.
(٥) الشعراء: ٨٠.
(٦) الواقعة: ٦٣، ٦٤.
(٧) الأعراف: ١٥٥.
(٨) الرحمن: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>