للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية (١): قال: قال لي ابن صائد - وأخذتني منه ذمامة - هذا عذرت الناس، مالي ولكم يا أصحاب محمد؟ ألم يقل نبي الله: (إنه يهودي). وقد أسلمت. وقال: (لا يولد له). وقد ولد لي. وقال: (إن الله حرم عليه مكة). وقد حججت؟

قال: فما زال حتى كاد أن يأخذ في قوله. قال: فقال له: أما والله إني لأعلم الآن حيث هو، وأعرف أباه وأمه. قال: وقيل له: أيسرك أنك ذاك الرجل؟ قال: فقال: لو عرض على ما كرهت.

وفي رواية (٢) قال: خرجنا حجاجًا - أو عمارًا - ومعنا ابن صائد، قال: فنزلنا منزلًا، فتفرق الناس، وبقيت أنا وهو، فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه، قال: وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي، فقلت: إن الحر شديدٌ، فلو وضعته تحت تلك الشجرة؟ قال: ففعل. قال: فرفعت لنا غنم فانطلق فجاء بعس، فقال: اشرب أبا سعيد. فقلت: إن الحر شديدٌ، واللبن حارٌّ، ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده - أو قال: آخذ عن يده - فقال: أبا سعيد، لقد هممت أن آخذ حبلًا فأعلقه بشجرة ثم أختنق مما يقول لي الناس، يا أبا سعيد، من خفي عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خفي عليكم معشر الأنصار، ألست من أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو كافر)؟ وأنا مسلم. أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو عقيم لا يولد له ولد). وقد تركت ولدي بالمدينة؟ أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل المدينة ولا مكة). وقد أقبلت من المدينة، وأنا أريد مكة؟ قال أبو سعيد: حتى كدت أن أعذره، ثم قال: أما والله إني لأعرفه، وأعرف مولده، وأين هو الآن؟ قال: قلت له: تبًّا لك سائر اليوم.


(١) مسلم (٤/ ٢٢٤٢) في الموضع السابق.
(ذمامة): الذمامة، بالذال المعجمة: الحياء والإشفاق من الذم، والمذمة: العار، وبالدال المهملة: قبح الوجه، والمراد الأول.
(٢) مسلم (٤/ ٢٢٤٢، ٢٢٤٣) في الموضع السابق.
(العس): قدح ضخم يشرب فيه.
(التب): الخسار والهلاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>